الجمهورية الجديدة.. تراكم يصنعه أجيال، وجماعات سابقة.. يمثل القاعدة والأساس الذى يبنى فوقه أجــــــيال وجماعات الحاضـــر، من أجل أن تتواصل عملية التنمية، وتستمر مسيرة التقدم.. وبالتالي ينتقل الوطن والمجتمع وبلا توقف من مرحلة إلى مرحلة أخرى، بعلومه ومعارفه، بعمله وإنتاجه، بفكره وإبداعه، وبمساهماته ودوره في صياغة عالم جديد متطور ومتجدد.
هذه المساهمات الفكرية والإبداعية والمادية التي تقدمها الدول والشعوب.. هي وحدها القادرة على تحفظ للأمم العريقة – مثل مصر – مكانها في المنظومة الدولية.
وهى وحدها السبيل الذى يمكنها من أن تلعب دورًا فاعلاً وايجابيًا، في لعبة الكون وبكل ما تحمل هذه الكلمة – من مغزى ومعنى.
فالدور الإقليمي.. كما كانت تباشره وتمارسه مصر.. يتجاوز حدود الإقليم، وما بعد الإقليم.. سواء كان هذا الدور عربياً.. أو إفريقيًا.. أو شرق أوسطى.. أو اتساع العالم الثالث، بمفهومه، القديم والحديث.
الغريب.. والملفت للنظر.. أن هذا ” الدور المصري..” أو المكانة المصرية، في عالم الأمس واليوم، صناعة مصرية خالصة.. وليس أبداً صناعة أجنبية .. أو سلعة مستوردة .. وهو لهذا .. ولكنه دائمًا .. يبدأ من مصر، وبمصر.. ويخمد ويتراجع من مصر.. وبأيد مصرية .. ليس معنى هذا.. تجاهل العناصر والعوامل الخارجية.. الإيجابي منها والسلبى.
ليس معنى هذا سلاسة اللعبة وسلامتها، بعيداً عن المؤامرات والتدخلات والضغوط.
بل العكس هو الصحيح.. فالتآمر دائم.. والضغوط لا تتوقف، بل تصل في بعض الأحيان إلى حد العدوان، والغزو، وشن الحرب.. سواء كان هذا العدوان بهدف الإشعال.. أو الاستنزاف أو حتى العقاب.
لكن الأمر المثير للانتباه.. هو أن المعدن الحقيقي لمصر، وشعب مصر، يتجلى دومًا، وبشدة في الأزمات.. وكلما اشتدت الضغوط تفجرت ملكات الشعب وازداد إصراراً على المقاومة والمواجهة.
ونرى أن الركيزة الأساسية لأى دولة قوية ديمقراطية هو ” الدستور ” لضمان إقامة دولة القانون، كما أنه العقد الاجتماعي الذى يبرمه المواطنون مع القيادة الحاكمة لتنظيم أمور حياتهم في ظل مجموعة من الضوابط والقيود على ممارسة المسئولين لدورهم في تنظيم حياة المجتمع، مع الأخذ في الحسبان أن الدستور ليس مجرد وثيقة سياسية تهدف إلى تهدئه الهواجس وإنما هو بمثابة وثيقة سياسية تسعى إلى تحقيق العدالة والمساواة بين المواطنين كافة وصون حقوقهم وحماية حرياتهم، وعلى هذا تم صياغة مقترحاتنا نحن المنسق العام لمبادرة نسيج وطن للحوار الوطني متوافقة مع الدستور المصري 2014 وتعديلاته 2019 وقد لعبنًا دورًا دعامًا للجنة الخمسين بالعمل بالأمانة الفنية للجنة الخمسين التي قامت بصياغته واقراره ولدينا رغبة شديدة في تطبيق مواده سواء التي تم العمل بها أو المواد التي تم إرجاء العمل بها.
ودعوة الرئيس للحوار تمثل ركيزة أساسية لبناء الجمهورية الجديدة وقد شاركنا بتقديم مقترحات، وقمنا باستجابة للدعوة الموجه لنا من إدارة الحوار الوطني، مؤكدًا حرصنا على المشاركة الفاعلة في هذا الحوار.
ونثمن على دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية للحوار الوطني، مؤكدًا أن هذه الدعوة عبرت عن إيمان القيادة السياسية ببناء الدولة الديمقراطية وبحتمية مشاركة جميع أبناء الوطن، وأطيافه، من؛ نقابات، وأحزاب، ومؤسسات مجتمع مدني، وتيارات، وشخصيات عامة.
تتشارك عليها كافة القوى السياسية في حوار بناء ينتهي إلى مخرجات تساهم في مواجهة التحديات والتهديدات غير المسبوقة على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية والصحية، وأيضا التحديات الخارجية، دونما تأخير أو تعجيل لا يناسب طبيعة مراحل ما بعد الثورات، فإذا كان صحيحًا أن عامل الوقت يلعب دوراً مهما في ضمان نجاح العملية الديمقراطية، فإنه من الصحيح أيضا أنه في بعض الأوقات يكون للسير بخطوات سريعة سببًا في حدوث انتكاسات لعملية الديمقراطية، وهو ما يجعل من الصواب القول أنه ليس مهمًا أن يكون الوقت قصيرًا أو طويلاً، لكن المهم هو مقدار ونوع وصدق الجهود التي ترافقه فإذا كانت تلك الجهود تحقق يوميًا انتصارات وخطوات نحو الأهداف المعلنة ولا تسمح بظاهرة الخطوة الواحدة للأمام التي تتبعها خطوتان للخلف.
فلا خوف على مسيرة الانتقال نحو الحرية والديمقراطية من التعثر. ولا يعنى ما سبق أن يطول الوقت في المناقشات والحوارات التي تكون أشبه بالحوارات البيزنطية ، وإنما يجب أن تكون هناك متابعة مستمرة لما يتحقق من إنجاز أو تقدم لضمان الوصول إلى الدولة الديمقراطية العصرية دون ارتداد إلى الخلف أو انتكاس إلى الوراء.
وعليه نرى أن مخرجات توصيات الحوار الوطني يجب أن تعرض على مؤسسة الرئاسة وهذا ما طلبه الرئيس في بداية دعوته لحوار وأكد عليه في كلمته المسجلة في مؤتمر الحوار الوطني الذى عقد يوم الأربعاء الموافق 5/5/2023 بعد عام من دعوته للحوار في 24/4/2022، وتوصيتي ان يتم عرضه على غرفتي البرلمان ليقدم مجلس الشيوخ تقريرا وافيًا عن الثلاث محاور التي أعلنها المنسق العام للحوار الوطني، ويسلم لرئيس الدولة ولرئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة نسخة ثم يقوم رئيس الدولة بإرسال ما يجد من أمور تتطلب تشريع لمجلس النواب والأمور التي تتطلب قرارات من الرئيس أو من الحكومة لا قرارها وهنا تجهض حديث المحبطين والمشككين، وتعلو الدولة إلى المرحلة الانتقالية للدولة الديمقراطية.
المقال يعبر عن رأي الكاتب