إعداد: نسرين طارق

لقي إعلان النرويج وايرلندا واسبانيا الاعتراف بدولة فلسطين ردود فعلٍ مختلفة، بين من رحّب بالقرار مثل مصر وعدد من الدول العربية والسلطة الفلسطينية، وحركة حماس، وبين من اعتبرها خطوة تعزز “الإرهاب”، وفق تعبير وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس عبر تغريدة على موقع “إكس”.

هذه الخطوة من شأنها أن تثبت “الشخصية القانونية للشعب الفلسطيني وتعزز علاقاته الدولية وفقا للقواعد القانونية مع المجتمع الدولي”، ويشكّل “عامل ضغط مهم لأنه يترجم حق الشعب الفلسطيني في أن يقرر مصيره”.

حيث تعتبر السلطة الفلسطينية “مراقباً غير عضو في الأمم المتحدة” مثلها مثل الفاتيكان، وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة – المؤلفة من 193 دولة – قد وافقت على الاعتراف بحكم الأمر الواقع بدولة فلسطين ذات السيادة في نوفمبر 2012، وذلك بتحديث وضعها من “كيان” إلى “دولة مراقب غير عضو في المنظمة”.

والاعتراف يعنى تمثيل دبلوماسي لفلسطين في النرويج وإيرلندا وإسبانيا، من حيث السفراء والهيئات الدبلوماسية..في الوقت الذي قال وزير خارجية فرنسا إن هذه الخطوة “ليست محظورة على بلاده، لكن الوقت ليس مناسباً الآن”، وفق تعبيره.

كما أشارت المملكة المتحدة إلى أنها قد تفكر في الاعتراف بفلسطين وسط إحباط أعمق بسبب رفض إسرائيل الطويل – وخاصة خلال عهد نتنياهو – للتقدم نحو حل الدولتين، حتى مع استمرار إسرائيل في مصادرة الأراضي الفلسطينية للاستيطان.

واعتبر رئيس الوزراء النرويجي أن هذا الاعتراف يأتي لدعم “القوى المعتدلة التي تراجع دورها في النزاع المستدام”، مضيفا أن النرويج ترى أنَّ السلام لا يمكن أن يتحقق في الشرق الأوسط دون الاعتراف بفلسطين كدولة.

بينما اتهم رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، إسرائيل بأنها تعرّض حل الدولتين لخطر على إثر الحرب في غزة.كما ان الاعترافات تشير إلى تآكل “ملكية” الولايات المتحدة لعملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية وفتح الطريق نحو إقامة الدولة الفلسطينية.

أبعاد القرار القانونية

تعتبر هذه الخطوة “أخلاقية” أكثر من كونها قانونية إلزامية، وتؤكد على مشروعية قيام الدولة الفلسطينية “على الصعيد الأخلاقي”، وهي اعتراف بأن العناصر التي تقوم عليها الدول متوفرة في دولة فلسطين، كما أنها تساعد على تكوين رأي عام بأن القضية الفلسطينية بحاجة لتسوية وفقا للقانون الدولي.

تلعب النرويج دورا محوريا في الدبلوماسية في الشرق الأوسط على مر السنين، كما استضافت محادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية في بداية التسعينيات والتي أدت إلى اتفاقات أوسلو، إن الاعتراف بدولة فلسطين ضروري لدعم الأصوات المعتدلة.

صرح رئيس الوزراء النرويجي جوناس جار ستور، البديل الوحيد الذي يقدم حلاً سياسياً للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء: دولتان تعيشان جنباً إلى جنب في سلام وأمن”.فيما اتهم رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بارتكاب “مذبحة” في غزة وتعريض حل الدولتين للخطر.

وأضاف: “علينا أن نستخدم جميع الموارد السياسية المتاحة لنا لنقول بصوت عالٍ وواضح، أننا لن نسمح بتدمير إمكانية حل الدولتين بالقوة لأنه الحل الوحيد العادل والمستدام لهذه القضية “صراع رهيب.”

وقال رئيس الوزراء الأيرلندي سيمون هاريس إنه يتوقع أن تنضم الدول الأخرى إلى أيرلندا وإسبانيا والنرويج في الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الأسابيع المقبلة.

أيرلندا تعترف بشكل لا لبس فيه بإسرائيل وحقها في الوجود “بأمن وسلام مع جيرانها”، ودعا إلى إعادة جميع الرهائن في غزة على الفور.

واعتبرت مصر قرار النرويج وإيرلندا خطوةٌ داعمةٌ لجهود خلق أفق سياسي يؤدي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

الجدول الزمني للاعتراف بفلسطين

اعلنت النرويج وإسبانيا وأيرلندا إنها ستعترف رسميًا بفلسطين في 28 مايو.

هل الاعتراف بالدولة الفلسطينية هو الأول من نوعه؟أوروبا

الإجابة لا.. السويد أول دولة في الاتحاد الأوروبي أعترفت بالدولة الفلسطينية في أكتوبر عام 2014 .

وهناك عدة دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي اعترفت بفلسطين، وهي المجر وبولندا وسلوفاكيا، لكنها اتخذت هذه الخطوة قبل انضمامها إلى الاتحاد.اعترفت حوالي 140 دولة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 دولة بالدولة الفلسطينية منذ عام 1988.

الاعتراف وعملية السلام

لقد اعترفت عشرات الدول بالفعل بفلسطين كدولة مستقلة، لكن الزخم نحو الاعتراف بها، وخاصة بين الدول الأوروبية، سيكون له آثار مهمة.

دلالة الاعترافات الجديدة

تشير الاعترافات الأوروبية الجديدة إلى تآكل دور الولايات المتحدة في عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية.ومع توقف عملية السلام إلى حد كبير منذ فترة طويلة، يعمل المسؤولون الفلسطينيون جاهدين لحشد الدعم في أوروبا.تضائل الاعتراف بدولة فلسطين في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حيث تم تهميش الفلسطينيين بسبب اتفاقات إبراهيم ونقل ترامب السفارة الأمريكية إلى القدس، مما أثار عدم ثقة لدى الفلسطينيين، واعتبروا الولايات المتحدة لم تكن وسيطاً نزيهاً.

التأثير العملي للإعتراف على الفلسطينيين

الزخم نحو الاعتراف بدولة فلسطين سيفا ذا حدين بالنسبة للسلطة الفلسطينية الضعيفة التي يتزعمها محمود عباس والتي تحكم الضفة الغربية المحتلة حيث لم يعقد عباس انتخابات تشريعية منذ عام 2006، والذي لا يتمتع بتفويض شعبي.إلا أن الاعتراف يعني ضمناً الحق في تقرير المصير للفلسطينيين، وهو ما قد يساعد أيضاً في إعادة تنشيط المجتمع المدني الفلسطيني الذي تآكل دوره في عهد عباس.ولعل الأمر الأكثر أهمية بالنسبة للفلسطينيين وهو أن أصبح لديهم حقاً صريحاً وأساسياً في تقرير المصير ولا يتطلب الحصول على إذن إسرائيلي، وهي الفكرة التي عززت الوساطة الأميركية منذ أوسلو.

تداعيات القرار بالنسبة لإسرائيل

يأتي هذا الاعتراف داعم بقوة لطلب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية إصدار أوامر اعتقال بحق نتنياهو ووزير دفاع إسرائيل يوآف جالانت، بتهمة ارتكاب جرائم حرب.ويجري التحقيق مع إسرائيل بناء على طلب من جنوب أفريقيا ودعم مصري بتهمة الإبادة الجماعية في محكمة العدل الدولية أيضا.

في حين لا يزال هناك انفصال عميق في المجتمع الإسرائيلي بشأن النفور الدولي من الحكومة الإسرائيلية، والطريقة التي تدير بها حملتها في غزة، فإن الإسرائيليين يدركون أيضًا أن بلادهم يتم التعامل معها بشكل متزايد على أنها منبوذة وتصبح أكثر عزلة دبلوماسيا.

وقد أدى ذلك جزئياً إلى زيادة الانقسامات المفاجئة داخل حكومة نتنياهو، مما أثار تساؤلات جدية حول المدة التي يمكن أن تستمر فيها حكومته.

By

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *