القاهرة في 28 أكتوبر/أ ش أ/ نبه الإعلامي أيمن عدلي رئيس لجنة التدريب والتثقيف بنقابة الإعلاميين، إلى أن وعي المجتمعات وقدرتها على التمسك بهويتها هو الرهان الأكبر في التصدي ومواجهة تأثيرات تسارع حروب العقول وتزايد الغزو الثقافي..وقال: إن التجارب أثبتت أن الدفاع عن الأفكار والثقافات لا يقل أهمية عن الدفاع عن الأرض، فالسيطرة على العقول تبدأ بتحرير الوعي، ومن هنا تأتي مسؤولية الإعلام الواعي الذي يلعب دورا حيويا في حماية المجتمع، حتى لا تتآكل الهوية الثقافية تحت وطأة التأثيرات الإعلامية الخارجية، وهو ما يستهدفه فعلا إعلام ماسبيرو والمتحدة.
ولفت “عدلي” – في مقال بصحيفة “الجمهورية” – إلى الأزمات التي تعيشها المجتمعات المعاصرة في ظل حروب غير مرئية، تُخاض على جبهات متعددة وبأسلحة تختلف عن الأسلحة التقليدية، حيث لم تعد البنادق والدبابات أدوات هذه الحروب، بل حلت محلها الأفكار والثقافات، وأصبح الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي أدوات رئيسية لهذه المعارك الحديثة.
وأضاف: أن هذه الحروب التي تُعرف بـ “حروب العقول” تهدف إلى التأثير في وعي المجتمعات وتشكيل أفكارها وسلوكياتها، وصولًا إلى تغيير هويتها وطمس معالمها الثقافية.
وأوضح أن الغزو الثقافي يُعتبر أخطر أنواع الحروب في هذا العصر، حيث يسعى إلى نقل ثقافات جديدة وزرعها في عقول الأفراد والمجتمعات، مستهدفًا قيمهم وأخلاقهم وتقاليدهم، عبر الأفلام، والموسيقى، وأسلوب الحياة المُروج له في وسائل الإعلام، بحيث ينجح الغزو الثقافي في إقناع الناس بتبني نماذج جديدة من التفكير والسلوك، وهذا الغزو لا يظهر بشكل مباشر، ولكنه يمتد ببطء إلى الوعي الجماعي، مؤثرًا على نمط حياة المجتمع وأسلوب تفكير أفراده.
وأكد أن وسائل الإعلام تلعب دورًا أساسيًا في حروب العقول، فهي القناة التي يتم من خلالها نقل الرسائل وتوجيه الرأي العام بفضل تطور التكنولوجيا وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أصبحت الأخبار والآراء تصل إلى الناس بسرعة غير مسبوقة، ما يجعلهم عرضة للتأثير اليومي من مصادر متعددة، والأخطر من ذلك هو استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لاستهداف مجموعات معينة، سواء بتعزيز أفكار معينة أو التشويش على أفكار أخرى، مما يسهم في خلق واقع مشوّه وصورة زائفة حول القضايا المجتمعية.
وأشار إلى التأثيرات العميقة لحروب العقول على المجتمع، والآثار العميقة لحروب العقول والغزو الثقافي على المجتمعات، بدءًا من تشويه الهوية الثقافية للأفراد، مرورًا بتفتيت النسيج الاجتماعي، وصولًا إلى خلق أجيال جديدة لا تربطها القيم الأصيلة لمجتمعاتها، مبينًا أنه عندما تتبنى المجتمعات أفكارًا وقيمًا مستوردة دون نقد أو وعي، تصبح عرضة للانقسام وتفقد استقلالية فكرها وخصوصية ثقافتها.
ورأى الإعلامي أيمن عدلي أن التحدي الأكبر في مواجهة حروب العقول يتمثل في ضرورة تعزيز الهوية الثقافية للأفراد، وذلك عبر تكثيف الجهود الإعلامية والثقافية المحلية، وغرس قيم الانتماء في نفوس الشباب، منوها بأن بناء وعي جماعي قادر على التمييز بين الثقافات، وعلى تبني ما يلائم المجتمع ورفض ما لا يتماشى مع قيمه، هو الخطوة الأولى لحماية الأجيال الجديدة من الغزو الثقافي.
ح م ز/م م ر/ن ه ل
/أ ش أ/