“الجمهورية الثانية” تفتح ملف الكنز المنسى..هل”مسار العائلة المقدسة” فى مهب الريح؟!

images 2023 06 02T2037261685731025

تقرير : مرجريت عادل

منذ ساعات، احتفلت الحكومة والكنيسة الأرثوذكسية بذكرى زيارة العائلة المقدسة لمصر، وكانت هناك كلمات ومواقف مهمة من الحكومة متمثلة في وزيرة الهجرة السفيرة سهل الجندى، والبابا تواضروس بابا الكرازة المرقسية، حول ضرورة دعم المسار والترويج له عالميا وتطوير المناهج الدراسية في هذا الإطار، لكن الواقع به العديد من الظواهر المعطلة، ولذلك قررنا أن نرصدها لاستثمار أسرع لهذا الكنز الذى تنعم به مصر.

بداية الملففى أواخر عام ٢٠١٤ وضعت الحكومة خطة لإعداد وتجهيز الأماكن ، التى مرت بها العائلة المقدسة أثناء لجوءها إلى أرض مصر ،بإعتبار “مسار العائلة المقدسة” من أهم الأحداث السياحية المؤثرة ، التى تشهدها أجندة السياحة المصرية.

نمط سياحى جذابكما أنها ستكون نقطة البداية لنمط سياحي مهم يجذب إليه العديد من محبى السياحية الدينية والروحية ، وفرصة للسائح للتعرف على مناطق سياحية واعدة فى مصر على طول هذا المسار ، والذي يمتد لحوالى 3500 كم.

٢٥ موقعيشمل المسار 25 موقعا للتوقف منها رفح- العريش “6 مواقع”، الفرما، تل بسطا “بالقرب من الزقازيق”، سمنود، سخا، وادي النطرون، علاوة على خمسة مواقع بالقاهرة وهى مسطرد، المطرية، حارة زويلة، كنيسة أبو سرجة بمصرالقديمة،المعادى، ثم موقعين بالمنيا سمالوط ودير جبل الطير، وموقعين بأسيوط دير المحرق ودرنكة

تم التنسيق بين وزارتى السياحة والآثار- فى ذلك الوقت- لتطوير وإحياء المسار المقدس ووضع خطة زمنية للعمل، بالاضافة إلى تحديد كيفية وألية التمويل من قبل وزارة السياحة ، حيث أنها المنوطة بتمويل هذا المشروع بشكل أساسى .

ثلاثة مراحلوتم التخطيط بحيث يبدأ العمل فى المسار المقدس مع أوائل عام ٢٠١٥ على ثلاث مراحل، الأولى تشمل مسار العائلة المقدسة فى مناطق محافظة القاهرة، وصولا إلى محافظة المنيا، والثانية تشمل الوجه البحرى وسيناء، والثالثة تضم الوجه القبلى بأكمله بداية من محافظة المنيا.

بمناسبة الذكرىوالآن وبمناسبة تذكار زيارة العائلة المقدسة لمصر -الذى يوافق الأول من يونيه من كل عام – والذى احتفلت به الكنيسة الأرثوذكسية والحكومة المصرية، وبعد مرور 8 سنوات تقريبًا على بدء العمل فى المسار المقدس، بات المشروع يشكل لغزًا كبيرًا لجميع المراقبين -داخل مصر وخارجها.

الخطوات بطيئةفالواقع الفعلى يؤكد أن الخطوات المتخذة فى هذا الاطار لا تزال بطيئة وأسيرة بيروقراطية قاتلة، رغم حديث وزيرة الهجرة سها الجندى خلال احياء الذكرى الجليلة، لكن لم يتحقق الهدف من هذا المشروع الطموح حتى الآن، مما يجعله فى مهب الريح!

تستطلع “بوابة الجمهورية الثانية” أراء شخصيات ذات انتماءات مختلفة، فى محاولة للوقوف على وضع هذا المشروع وما آل اليه.

نحتاج تجديدات“الدير العامر يحتاج إلى الكثير من التجديدات ، ومثال على ذلك ، رصف وتهيئة الطرق، ولكننا نعانى من تعنت المحليات، فنحن لنا أكثر من ٣سنوات نعانى من طرق غير ممهدة أمام السياح، وعندما يأتى المسؤولون للتعرف على إحتياجاتنا وما نريده، لا نجد أية إستجابة” هذا ما أكده أحد المسؤولين-الذى رفض ذكر أسمه- بأحد النقاط بالغة الأهمية فى رحلة العائلة المقدسة لمصر.

وأضاف :”لدينا أمثلة كثيرة على هذا الروتين المعطل وأغلبها لوچستية، مثل طلبات دخول الغاز الطبيعى، وتطوير شبكة الصرف الصحى وطلب توسيع المدافن.

لم يهتموا بالفندقحتى أننا تقدمنا أخيرًا بمشروع لبناء فندق فخم، لكنه لم يلق -أيضًا- أى اهتمام على الرغم من أننا لن نكلف أية جهة أية أعباء مادية، ولكن دون جدوى!

المحليات تعطل الخططوأشار الى أن المحليات تعانى من البيروقراطية وتعطل خطط الدولة، فى الاهتمام بالتطوير والترميم لجميع محطات مسار العائلة المقدسة، أما عن هيئة الاثار فهي لا تقل روتينية عن المحليات، فكل حركة إنشائية يتم بعدها تحرير محاضر، وهو ما حدث أخيرًا مع أحد الرهبان المسؤولين عن مكان عمل “القربان”- خبز يتم الصلاة عليه- فقد أراد ان يجمل شكل المبنى الخاص به بحجر هشمه – مع ملاحظة أن المبنى بعيد عن الأجزاء الأثرية بالمكان- لكن مع الأسف تم تحرير محضر ضده!.

الصفائح الشمسيةوأضاف المسؤول عن أحد نقاط المسار:”حاولنا أيضًا عمل لوحات طاقة شمسية لتوفير الكهرباء، خاصة أننا ندفع ما لا يقل عن ٢٠٠الف جنيه كل شهر ، وكانت ستوضع فوق “القلالى”- أماكن سكن الرهبان- وهى بعيدة تمامًا عن الأماكن الأثرية ، الا أن هيئة الآثار قامت بعمل محضر لنا!

رفضوا بناء السوروحتي السور الذى أخذنا موافقة على بنائه ومحاكى للسور الآثرى، قمنا نحن ببنائه على نفقتنا وعندما طلبنا ترميم سور أثرى-على نفقتنا خاصة أنه متهالك- رفضوا تمامًا وحرروا ضدنا محاضر كثيرة.

واقع الحال فإن المحليات تركز على مراقبتنا أكثر من مساعدتنا على التطوير والإعمار!”.

ودعا المسؤول لإبعاد المسار المقدس عن المحليات وإسناده لمؤسسة القوات المسلحة لإنجازه، فهى الأجدر بتطوير المسار وترميمه من أية جهة اخرى متعسفة، مع الأخذ فى الاعتبار أن الجهات الأمنية تقدم كل العون وتذلل جميع العقبات.

عدم وضوح الرؤيةأما د.عيسى إسكندر” رئيس المسار المقدس المصرى-الإيطالى”، فقال:هناك مسارات إيطالية مشهورة مثل”مسار ساننيقولاوس”،”سان لوكا” و”سان فرنسيس”، وغيرها من المسارات التى تمنحها إيطاليا أهمية كبيرة جدًا، ومن هنا فكرنا فى عمل توأمة مع مسارات بدول مختلفة، خاصة أن إيطاليا لديها خبرة كبيرة ومؤهلين من جانب الحكومة المحلية الإيطالية ومن المجلس الأوروبى للمسارات، وتم بالفعل عمل توأمة بين مسار سان نيقولاس و المسار المقدس بمصر -بعد إعتماده- .

ومن وقتها ونحن نعمل على أن نكون على تواصل مباشر مع “أوبرا رومانا” -الهيئة العليا للسياحة فى الفاتيكان- المختصة بتنظيم رحلات الأديرة بإيطاليا إلى المسارات فى دول العالم المختلفة، وبعد تدشين المسار المصرى-الإيطالى وعرضه على البابا تواضروس الثانى،بطريرك الكنيسة القبطية -خلال زيارتنا للقاهرة قبل عام- طلبنا من “أوبرا رومانا” أن تنظم رحلات إلى مصر بالتنسيق مع جهة مصرية (تور أوبريتور)-تعنى بتنظيم الرحلات السياحية إلى مصر- ونحن لازلنا فى إنتظار عرض الجانب المصرى للبدء فى إرسال السياح الإيطاليين لمصر!.

سبع محطات جاهزةوأوضح إسكندر أن الحكومة المصرية مهتمة فعلًا إهتمامًا بالغًا بهذا المشروع نظرًا لقيمته الأدبية والتراثية بل والإقتصادية، فهناك سبع محطات جاهزة -من اجمالى ٢٥ محطة- وهى تكفى لبدء المسار، ومن خلال الدخل الذى يعود من هذه المحطات يمكن الاستفادة به لترميم محطات أخرى وهكذا، لكن البيروقراطية وعدم وضوح الرؤية يعطل هذا الحلم الكبير!.

الڤاتيكان والرحلة الكاملةوأكد أن الفاتيكان مهتم جدًا بالمسار المقدس، ولعل فى زيارة البابا فرانسيس لمدينة سانت كاترين ومباركته للمسار المقدس ما يؤكد هذا الإهتمام، ليكون مسارًا يأخذ دوره الحقيقى بالنسبة للسياحة الدينية حول العالم، مشيرًا إلى الإتفاق مع الأردن لإعداد رحلات لزيارة “نهر الأردن”-حيث تم تعميد المسيح- والتنسيق لزيارة بيت لحم ثم مسار الهروب لتنتهى الجولة بزيارة مسار العائلة المقدسة بمصر، وبذلك تكون رحلة متكاملة بالتنسيق بين مصر والأردن والسلطة الفلسطينية فى عشرة أيام.

رصف الطريق لدير المحرقوقال الأنبا بيجول المحرقى، رئيس دير المحرق-أحد أهم النقاط فى رحلة العائلة المقدسة لمصر- إن الدير يحتاج الآن وبصورة عاجلة لرصف الطريق المؤدى للدير وتكثيف الدعاية الخاصة بهذا المكان التاريخى الذى يعد الأقدم فى الزيارة المقدسة، مؤكدًا أنه ليس لديه شك فى أن الأمور ستسير بصورة جيدة فى المستقبل القريب.

“حرب شوارع”واجهنا عادل جندى -المنسق الوطنى لمشروع تطوير مسار العائلة المقدسة بوزارة الآثار والسياحة المصرية- بتلك الملاحظات، حيث فند ما أثير حول تعنت المحليات مع بعض الأديرة فى بعض النقاط، موضحًا أنه والوزارة يعانون أيضًا من المحليات وطرق تعاملهم ، واصفًا الوضع بين الوزارة والمحليات بأنها أشبه بـ”حرب الشوارع”، مشيرًا إلى الى أنه يحاول الوصول إلى حلول لتحقيق أكبر قدر من تذليل العقبات، موضحًا أنه شخصيًا يمارس ضغوطًا على المحليات أكثر من رهبان تلك الأديرة والكنائس، كما حدث فى مناطق بأسيوط وتم إزالة القمامة المتراكمة فى الطرق المؤدية للأماكن الآثرية ، حتى تكون ممهدة وملائمة بشكل أفضل لاستقبال السياح، كما تمت الموافقة أخيرًا على إنشاء طريق مباشر من دير درنكة لمطار أسيوط الدولى، وتنفذه حاليًا القوات المسلحة.

حج مسيحىوعن المسار المصرى-الايطالى وإدراج مسار العائلة المقدسة فى البرنامج السياحى للفاتيكان، أوضح جندى أنه تم بالفعل إبرام بروتوكول تعاون ، وقريبًا سيتم إدراج ٣ جمعيات أهلية أوروبية يقودها مصريون لدعم المسار والرحلات السياحية الى مصر كحج مسيحى.

إتفاقات المساروعن الاتفاقات مع الأردن والسلطة الفلسطينية وإسرائيل كمحطات تكميلية لمسار العائلة المقدسة، قال جندى:تم بالفعل الإتفاق مع الأردن لمد المسار إليها حتى يأخذ السائح جولة متكاملة تشمل أكثر مناطق مرت بها العائلة المقدسة خاصة أن هناك فرصة كبيرة بوجود رحلات سياحية من الأردن لمطار أسيوط.

وبطبيعة الحال تمثل السلطة الفلسطينية وإسرائيل نقطة مهمة من نقاط مرور العائلة المقدسة فى رحلة هروبها الى مصر، لذلك نتطلع للتعاون الجاد بين المناطق التى تشكل أهمية كبيرة للسياحة الدينية بالشرق الأوسط.

الآثاريون مع الرهبانوأكد جندى أنه لا يوجد أى تعنت من موظفى الآثار مع الرهبان ببعض الأديرة، بل بالعكس هناك مساعدة فى تلبية متطلباتهم مع ما يناسب الحفاظ على المظهر البصرى للإبقاء على قيمة المكان الآثرى، لافتًا الإنتباه إلى أنه وضع فى الإعتبار ما يسمى بـ”السياحة الميسرة” التى تتيح كل الخدمات والاحتياجات التي يريدها السائح الأجنبى لتكون رحلته أكثر راحة.




عيسى إسكندر، وعادل الجندى ، والأنبا بيجول المقرحى

لافتات برايلمع إضافة لوحات بطريقة “برايل” لفاقدى البصر يتم وضعها مع اللوحات الاسترشادية بمساعدة القطاع الخاص والمستثمرين.

خريطة المسارمسار العائلة المقدسة بمصر بدأ من رفح بالشمال الشرقى، مرورًا بالفرما شرق بورسعيد، وإقليم الدلتا عند سخا بكفر الشيخ، تل بسطا بالشرقية، سمنود بالغربية، ثم انتقلت إلى وادي النطرون فى الصحراء الغربية ، حيث أديرة “الأنبا بيشوى”، السيدة العذراء “السريان”، “البراموس”، القديس “أبو مقار”، ثم اتجهت بعد ذلك إلى منطقة مسطرد والمطرية حيث توجد شجرة السيدة مريم، ثم”كنيسة زويلة” بالقاهرة الفاطمية، فمناطق مصر القديمة عند “كنيسة أبو سرجة” في وسط مجمع الأديان ومنها إلى “كنيسة المعادى”وهي نقطة عبور العائلة المقدسة لنهر النيل وصولًا إلى المنيا حيث جبل الطير، ثم أسيوط حيث يوجد “دير المحرق”، وبه أول كنيسة دشنها المسيح بيده، حيث انتقلت إلى”مغارة درنكة”، ثم العودة مجددًا إلى بيت لحم.

تراث عالمىويُعد المسار من أهم المشروعات التراثية والحضارية، حيث أنه من ضمن التراث الدينى العالمى الذى تتفرد به مصر لارتباطها بهذه الرحلة المباركة لأرضها على مدار أكثر من ثلاثة أعوام ونصف، ولذلك تعطيها مصر–من خلال وزارة السياحة والآثار-إهتمامًا كبيرًا، لتأهيل جميع نقاط رحلة العائلة المقدسة وتكوين بنية تحتية جيدة؛ وهو ما يعزز مكانة مصر عالميًا كأرض تحتضن مختلف الأديان والثقافات والحضارات .

By

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *