القاهرة في 12 ديسمبر/أ ش أ/ من.. أحمد طارق:
أثارت الحشود الكثيفة وغير المسبوقة من الناخبين أمام مقار اللجان الانتخابية في الداخل والخارج على حد سواء للإدلاء بالأصوات في الانتخابات الرئاسية، دهشة الجميع بما فيهم الهيئة الوطنية للانتخابات القائمة على إدارة هذا الاستحقاق الدستوري المهم.
علامات الاستفهام عن هذه الكثافة التصويتية غير المسبوقة كانت كثيرة وتسأل عن الأسباب التي دفعت جموع الشعب المصري للخروج والاقتراع والاختيار بعد استحقاقات أخرى كثيرة على مدى السنوات الماضي التي كانت كثافة المشاركة فيها ما بين مقبولة إلى متوسطة من إجمالي من يحق لهم التصويت، ليأتي استحقاق الانتخابات الرئاسية 2024 ليشهد في يوميه الأولين فقط مشاركة ما يناهز نصف عدد المقيدين بقاعدة بيانات الناخبين والتي تزيد عن 67 مليون مواطن.
أحد الأسباب الرئيسية لهذه المشاركة الواسعة في مختلف محافظات الجمهورية، جاءت بسبب الاتفاق الجمعي بين المصريين على حتمية استقرار الدولة المصرية ومؤسساتها الدستورية في ظل الأحداث الإقليمية، وكان آخرها العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
ولكن يظل السؤال عن مسألة الاستدامة في هذا الاهتمام الشعبي بالشأن العام، والمشاركة الإيجابية في الاستحقاقات الدستورية من انتخابات واستفتاءات، ليأتي التحقق من البنى الفكرية والثقافية الدافعة لهذه المشاركة، والتي تقوم على أسس من الوعي الوطني.
وكشف المستشار أحمد بنداري مدير الجهاز التنفيذي للهيئة الوطنية للانتخابات، عن التفاصيل التي أسست لهذه الملحمة، من جهد الهيئة طوال أشهر ممتدة اعتمدت فيها الأساليب والوسائل غير التقليدية في مباشرة مهامها نحو رفع وعي المواطنين بأهمية مباشرة الحقوق السياسية والتعبير عن الرأي عبر المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية.
ونجحت الهيئة في عقد لقاءات مع الرائدات الريفية بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعي والبالغ عددهن 20 ألف رائدة، وكل منهن تشرف على نحو 400 أسرة مصرية، لينقلن ذلك الوعي إلى أفراد الأسر بما فيها من أطفال، لتنشئتهم على التثقيف السياسي وأهمية المشاركة في كل استحقاق.
وللمرة الأولى تتوجه إحدى المؤسسات والهيئات إلى صانعي المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي؛ للاسترشاد بآرائهم والوقوف على مقترحاتهم، وذلك في ضوء ما يمتلكونه من قدرات وأدوات العصر الحديث تساهم بشكل ملحوظ في التأثير في فئات الشباب، فضلًا عن وسائلهم ولغة خطابهم التي تصل إلى ملايين من متابعيهم.
واستمعت الهيئة الوطنية للانتخابات، إلى أفكارهم ورؤيتهم ومقترحاتهم، لتمنحهم الفرصة في التعبير عن أفكارهم ونقل هذا الوعي إلى متابعيهم من فئات الشباب.
ورصدت “الوطنية للانتخابات” نجاح تلك اللقاءات والندوات وورش العمل، من خلال اهتمام فئة الشباب في الفئة العمرية من 18 وحتى 30 سنة، بتفاصيل ومجريات العملية الانتخابية، وذلك وفق الإحصاءات المرتبطة بالاستعلام عن المقار الانتخابية وآليات التصويت على الموقع الإلكتروني للهيئة.
ولم تنحصر الانتخابات الرئاسية – كما اعتدنا في مثيلتها عامي 2014 و2018 – على المشاركة الكثيفة والقوية للمرأة المصرية، لتأتي الانتخابات الحالية بمزيد من إقبال واهتمام الشباب في التصويت.
ذوو الهمم أيضًا كانوا حاضرين بقوة، ليس بوصفهم جزءا من نسيج المجتمع يندمج فيه، بل استجابة للآليات والإجراءات التي اتخذتها الهيئة بما يتوافق مع احتياجاتهم ويمسها إنسانيًا ويُمكنهم من مباشرة حقوقهم السياسية بأنفسهم وليس بوسيط أو معاونة رئيس لجنة الاقتراع.
وحرصت الهيئة الوطنية للانتخابات على التواصل مع منظمات المجتمع المدني ذات الصلة بذوي الإعاقة، والاستفادة من خبراتهم في التيسير على ذوي الهمم في ممارسة حقهم الدستوري في الاقتراع بأنفسهم وبضمانات النزاهة والشفافية.
الحشود أمام 9376 مركزًا انتخابيًا بمختلف المحافظات تضم 11 ألفًا و631 لجنة فرعية، سبقها حشود أخرى بمختلف دول العالم توافدوا على مقار السفارات والقنصليات المصرية في 121 دولة للاقتراع واختيار رئيس الجمهورية أمام 137 لجنة فرعية.
وقد شهدت الصحافة العالمية، بقيم الولاء والانتماء التي برهنت عليها الجاليات المصرية في مختلف دول العالم حاملين الأعلام المصرية، منهم من خرج ليقطع مسافات طويلة للغاية في حالة من الصقيع وموجة الطقس السيء، حتى يتمكنوا من الإدلاء بأصواتهم في مقار البعثات الدبلوماسية المصرية.
السر هنا كانت جهود حثيثة عكفت عليها الهيئة الوطنية للانتخابات، بالتعاون مع وزارتي الخارجية، والدولة للهجرة والمصريين بالخارج، ولقاءات عبر تقنية الفيديو كونفرانس مع أبناء الجاليات المصرية حول العالم، في إطار التثقيف السياسي والتوعية بأهمية المشاركة في الانتخابات والاستحقاقات الدستورية المختلفة.
أما عن التيسيرات والسلاسة التي جرت بها عملية التصويت في مقار البعثات الدبلوماسية، والتي أشرف عليها الدبلوماسيون، فجاءت بعد سلسلة لقاءات (عن بُعد) أُجريت مع الهيئة الوطنية للانتخابات للتعريف بالعملية الانتخابية وإجراءاتها وضوابطها، وغيرها من التفاصيل التي تستهدف بالأساس التيسير على المواطنين وتمكينهم من الإدلاء بأصواتهم.
انتخابات الرئاسة 2024، أصبحت حجر الزاوية لتحول جديد في الوعي السياسي لدى المواطن المصري خارج حدود الوطن وفي أقصى المناطق الحدودية ومختلف المحافظات على نفس الدرجة، في انعكاس سيسهم في المشاركة الدائمة والمستمرة في كل استحقاق تلبية لنداء الوطن.
إ س
/أ ش أ/