القاهرة فى ١٠ ديسمبر /أ ش أ/ كتب/ محمد مصطفى
بالورقة والقلم .. صاغ المصريون اليوم مشاهد فى كل لجنة من لجان الاقتراع فى الانتخابات الرئاسية ٢٠٢٤ تقاطعت وتكاملت لتصنع فى مجملها – مع أول أيام الانتخابات – لوحة بديعة فى عشق الوطن وضع الناخبون فى قلبها اسم من اختاروه رئيسا لمصر .
بالورقة والقلم.. بصوتٍ يضعونه فى صندوق الاقتراع وصوتٍ من الحناجر يدوي بأن تحيا مصر ،، بعلمٍ تحتضنه الأيادي ويتوسطه نسر ، يُعلِمُ المصريون من لم يعلم مرة أخرى أن أي رهانٍ على عدم وعي المصريين إنما هو رهان خاسر .. وأن الرهانَ فقط على نقاء بصيرة المصريين وحكمة خيارهم وقرارهم وصلابة معدنهم إنما هو الرهان الفائز .
مرة أخرى يعلم المصريون البشر ..من تعلم منهم من تاريخ مصر ومن لم يتعلم أن وحدة الشعب المصرى وتماسك نسيجه الوطنى .. أن اصطفافه على قلب رجلٍ واحد أكبر من لحظة قرار أو اختيار.. فوحدة مصر تراباً وشعباً هى قدر وإرادة آلهية شاءت للكنانة دون غيرها أن يكون شعبها فى رباط إلى يوم الدين مثلما شاءت إرادته تعالى شأنه أن يكون جندها خير أجناد الأرض وأن تكون الدولة التى جاءت ثم جاء من بعدها التاريخ.
وفى مشهد مهيب.. وبخطى واثقة وهامات عالية يملؤها الأمل فى المستقبل والاعتزاز والافتخار بالوطن توافد ملايين المصريين منذ الصباح الباكر إلى 9376 مركزًا انتخابيًا، بإجمالي 11 ألفًا و631 لجنة اقتراع فرعية، امتدت فى كل بقعة من بقاع مصر الكنانة من اقصى شمالها إلى جنوبها، ومن أقصى شرقها إلى غربها مثلما توافدوا من قبل من الأول وحتى الثالث من الشهر الجارى على 137 مقرًا فى 121 دولة، لتتسع مع إتساع إرادة المصريين من أقصى مشارق الأرض إلى مغاربها آمالهم نحو غد مشرق .. مصر التى إلى مجدها يتوقون.
وجاء مشهد تدفق الناخبين المصريين – فى اليوم الأول للانتخابات الزئاسية بالداخل – على مراكز الاقتراع فى كل محافظات مصر بمدنها وقراها أشبه بخيوط نور تبزغ من كل بقاع المحروسة لتضيىء وجه الوطن ومستقبله .
وكما علم المصريون البشر منذ آلاف السنين وللمرة الأولى فى عمر الإنسانية كيف تكون الكتابة بالنقش على الحجر وكيف يكون شموخ الوطن راسخا فى وجدان المصريين بقدر رسوخ وشموخ أهراماتهم ومسلاتهم أول رمز للتوحيد فى التاريخ ، فقد قدم المصريون اليوم درساً جديداً ليس هذه المرة بالنقش على أحجار الجرانيت بل بالكتابة على أوراق الاقتراع والتى وضعوا عليها وأمام إسم من أختاروه ورمزه علامة..علامة نحو مسار مستقبلهم بها يهتدون.
ويختار ملايين المصريين الذين يتوافدون اليوم بكثافة وعلى مدى اليومين التاليين على لجان الاقتراع.. يختارون فيها بعقولهم وقلوبهم قبل أيديهم .. يختارون ببصيرتهم قبل بصرهم إسم ورمز من انتقوه من بين أبنائهم ليقود المسيرة ويضبط ويؤمن للمصريين وبهم المسار.
حقٌ وواجب انتخابي هكذا يقول العالم فى مفاهيمه وقوانينه عن الانتخابات.. ولكن التصويت فى الانتخابات الرئاسية عند المصريين يحمل هذه المرة عنواناً أعمق .. فجاء حرص المصريين على الإقبال على مراكز الاقتراع هذه المرة تجسيدا للوفاءً بالعهد وإنفاذاً للوعد.. العهد بحماية وحدة الوطن والوعد باستعادة مجده والوفاء لمن يرون أن عزيمته لا تلين عن التضحية من أجل رفعته شعباً وأرضًا ، سماءً وبحراً ..
وتوافد المصريون اليوم على لجان الاقتراع لاختيار من صنعته مصر وزرعت بذرته مصر .. من روت شجرته مصر .. من يرد الجميل لمصر فيقرر أن يبنى مصر ويصنع لمصر ويزرع فى ربوع مصر وينشر العمران فى مصر .
وتحت مظلة العدالة وبإشراف سدنتها قضاة مصر الأجلاء باشر المصريون اعتبارا من التاسعة من صباح اليوم وعلى مدى ثلاثة أيام حقهم الانتخابي فى أن يقولوا كلمتهم لاختيار رئيسهم واثقين فى أن من يختارون اسمه على الورق سيتم بعد أيام إعلانه رئيساً لجمهورية مصر العربية على الملأ .. ويتم مع إعلان اسمه إعلان انتصار من راهنوا على وعى المصريين .
عدالة تستظل بها العملية الانتخابية استنادا لدستور صنعته ثورة ٣٠ يونيو المجيدة .. عدالة لم يستلهمها المصريون من تجارب غيرهم بل هى متجذرة فى عروقهم منذ آلاف السنين ، فالمصريون أول شعب علم البشرية معنى كلمة العدالة حتى قبل ظهور الأديان السماوية الثلاثة… وفى قوانين “ماعت ” صاغ المصريون مفاهيم العدالة مثلما صاغوا مفاهيم الحق والخير والانتماء.
قوانين ماعت بمبادئها الأخلاقية ال ٤٢ التى جسد فيها أجدادنا للمرة الاولى للانسانية كلمات مثل “الاستقامة” و ” ميزان العدل ” فبزغ بعدها للبشرية فجر الضمير .
واليوم يختار ملايين المصريين من يرونه مرآة لوطنهم وتجسيداً لآمالهم وتحقيقاً لأحلامهم.. ويختارون قبل ذلك وبعده من يرونه عنوانا لهيبة مصر .
وبفطرة وبصيرة المواطن الواعي.. خرج المصريون اليوم على إختلاف فئاتهم العمرية والاجتماعية وتوجهاتهم السياسية والثقافية.. خرجوا فرادى وأسراً ، شيبة وشباباً ، نساء ورجالًا ليقولوا كلمتهم ويفرضوا إرادتهم فى إنتخاب رئيسٍ لجمهورية مصر العربية من بين المرشحين الأربعة.
ولم يكن مستغربًا مع بدء عملية الاقتراع هذا الحضور الكثيف للمواطنين من ذوي الهمم مثلما لم يكن مستغربًا ذاك الحضور الملحوظ للأطفال برفقة أسرهم فأضاءت بعفويتهم ووطنيتهم مراكز الاقتراع .. وتعطرت بهم ولهم أعلام مصر التى التفت بها أجسادهم .
وفى سلاسة ويسر شهد لها الناخبون – من حيث الاجراءات التنظيمية التى تتم وفقا لضوابط الهيئة الوطنية للانتخابات والإجراءات الامنية التى توفرها وزارة الداخلية – جرت العملية الانتخابية فى يومها الأول فى إطار من الحرص الكامل على الالتزام بالقواعد التى حددتها الهيئة.
ويتطلع المصريون لأيام الانتخابات الثلاثة لتكون بدايةً ميلاد جديد لمصر وبزوغ فجر تشرق معه شمس جمهوريتنا الجديدة .
ه م غ
أ ش أ