بمناسبة اليوم العالم لمكافحة الفساد…… إضافة /2/

الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد من مقرها بالعاصمة المؤقتة عدن
بيان بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد
العاصمة المؤقتة عدن 9 ديسمبر 2020م.
يصادف يوم الـ(9) من ديسمبر من كل عام اليوم العالمي لمكافحة الفساد الذي أقرته الجمعية العمومية للأمم المتحدة بموجب قرارها الصادر عام 2003م وذلك تجسيداً لإدراك المجتمع الدولي بأسره بما يحدثه الفساد من تداعيات وآثار سلبية مدمرة على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتقويضه الديمقراطية وسيادة القانون كما يؤدي إلى ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان وتدهور الحياة وإعاقة تنفيذ خطط التنمية ويشجع على ارتكاب الجريمة المنظمة والإرهاب ومختلف التهديدات الماسة بالأمن البشري..
كما تمتد آثاره إلى منع الاستثمار ويحد من قدرة الدول على تقديم الخدمات الأساسية وتدهور الوضع الاقتصادي خاصة في البلدان النامية وزيادة حدة الفقر والبطالة فيها.
ولتلك الأسباب ولغرض مواجهة تلك الظاهرة جاءت الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد والتوقيع عليها بالأحرف الأولى في المؤتمر رفيع المستوى المنعقد بمدينة ميريدا بالمكسيك في 9 ديسمبر 2003م بمثابة رسالة واضحة بأن المجتمع الدولي لديه الإرادة على منع الفساد بكافة أشكاله وصوره وبعدم التسامح مع خيانة الثقة في القطاعين العام والخاص وتؤكد على أهمية تعزيز قيم النزاهة والشفافية وأخلاقيات الوظيفة واحترام سيادة القانون والمساءلة القانونية حيال الأفعال التي تلحق الضرر بالأموال والممتلكات العامة.
تعد بلادنا من أوائل الدول التي صادقت على الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد بموجب القانون رقم (47) لسنة 2005م وأصبحت أحد أطراف هذه الاتفاقية وعملت على تنفيذ استحقاقات الاتفاقية في الجانب المؤسسي والتشريعي من خلال صدور العديد من التشريعات الوطنية منها القانون رقم (39) لسنة 2006م بشأن مكافحة الفساد والذي بموجبه تم إنشاء الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد وإعمالاً للمادة (6) من الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد التي ألزمت كل دولة طرف على إنشاء هيئة أو هيئات معنية بمكافحة الفساد؛ كما صدر القانون رقم (30) لسنة 2006م بشأن الإقرار بالذمة المالية، والقانون رقم (23) لسنة 2007م بشأن المناقصات والمزايدات، وقانون غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وقانون حق الحصول على المعلومة وحماية الشهود والمبلغين ونحوها من التشريعات التي تعزز من أداء المنظومة الوطنية للنزاهة ومكافحة الفساد.
وبالتالي فإن بلادنا تؤكد التزامها بهذه الصكوك والقوانين مع الدول الأطراف بتنفيذ أحكام الاتفاقية، ولهذا الغرض قامت الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد بإعادة تشكيل فريق الخبراء الوطني الممثل فيه كافة أطراف المنظومة الوطنية للنزاهة ومكافحة الفساد وشركائها من منظمات المجتمع المدني المناط به إعداد تقارير الاستعراض الذي يوضح مدى الالتزامات وما أنجز والعراقيل التي وقفت امام إنجاز متطلبات الاتفاقية .
إن الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد تؤكد بهذه المناسبة على أهمية تضافر الجهود وتكاملها بين أجهزة ومؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني والسلطات المحلية ووسائل الإعلام ومناصرة الدور الذي تضطلع به في الحد من الفساد والوقاية منه وتؤكد أيضاً على أهمية دعم جهود الأجهزة الرقابية لاسيما وبلادنا تعيش حالة الحرب المفروضة علينا.
وتؤكد الهيئة بهذه المناسبة على أهمية تعزيز كافة أشكال الرقابة الجماهيرية المجتمعية باعتبارها تمثل الرديف في عملية مكافحة الفساد..
وما تمثله من دور بارز في كشف بؤر الفساد الذي تصاعدت حدته في الفترة الأخيرة وعلى كافة الأصعدة مستغلاً الأوضاع الاستثنائية التي تمر بها بلادنا بسبب الانقلاب الحوثي على مؤسسات الدولة وما نتج عنه من تعطيل لمهامها.
ويدرك الجميع أن الحد من الفساد والوقاية منه سيتعزز أكثر بتحقيق السلام واستعادة دور الدولة وتطبيع الحياة في كل مناحيها؛ الأمر الذي يتطلب اصطفاف الجميع لإنجاز هذه المهمة الوطنية السامية.
إن مفهوم الفساد يتمثل في أنه أعمال غير نزيهة يقوم بها أشخاص يشغلون مناصب في السلطة بمختلف درجاتهم الوظيفية لتحقيق مكاسب خاصة على حساب الوظيفة العامة وتتعدد أنواعه وظواهره في إعطاء وقبول الرشاوى والهدايا غير الملائمة، والمعاملات السياسية غير القانونية، والغش أو الخداع، والتلاعب في نتائج الانتخابات، وتحويل الأموال، والاحتيال، وغسيل الأموال وتتعدد أفعال الفساد بين الأعمال غير الأخلاقية منها الابتزاز، والرشوة، والمحسوبية، والاختلاس وما إلى ذلك، ودوافعه بين الأطماع الشخصية وانخفاض الحس الوطني والوعي وترسبات البيئة الثقافية التي تشجع ناهيك عن ضعف النصوص القانونية الرادعة وبالتالي تكون آثاره وخطورته آفة على البيئة والمجتمع وتهدد كيان الدولة من الانهيار.
إن الفساد صار ظاهرة عالمية تهدد المجتمعات وتؤسس الانقسامات المجتمعية وتتضاعف وتيرتها حتى باتت أكثر انتشارا خاصة في البلدان الذي ينتشر غيها الفساد بمختلف أنواعه وتسمياته وبالتالي فإن التشريعات الجنائية لابد وأن تحرص على تقرير نظام عقابي خاص لمواجهة جرائم الفساد مما استوجب بناء بيان المظاهر القانونية للفساد السياسي المتمثل بالرشوة الدولية والرشوة الانتخابية لأن الفساد لم يعد متعلقاً بالجانب الاقتصادي والانتقاء الوظيفي في السلم الوظيفي فحسب بل امتد إلى الجوانب الأخرى السياسية والاجتماعية ومع أن الإطار التشريعي لجرائم الفساد ومعاقبة مرتكبيه يستلزم وجود نظام إجرائي فعال ومتكامل لملاحقة المتهمين ومحاكمتهم واسترداد عوائد نشاطهم الإجرامي مما تطلب بالدراسة بيان أهمية الملاحقة الإجرائية من خلال بيان دور هيئة مكافحة الفساد في التحقيق في تلك الجرائم وكل ما يتعلق بالفساد الإداري والمالي وهذه الجرائم المرتكبة قد تكون أحيانا ذات طابع دولي ولها صلة بجرائم الجريمة المنظمة عبر الوطنية ولا يكون فقط عن طريق النصوص القانونية لمعاقبة مرتكبي الفساد وإنما في الإجراء الوقائي من خلال تعزيز قيم النزاهة وتحمل المسؤولية بأمانة وإخلاص واحترام القانون وهذا هو الأساس، ولتعزيز تلك المفاهيم دور كبير في مواجهة الفساد.
لاسيما وكشفت الدراسات الاستراتيجية لمكافحة الفساد ضرورة تعزيز قيم النزاهة ببيان عمل تلك السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية القضائية والدور الفعال الذي يمارس من قبلها من خلال خلق منظومة قانونية تحكم عملها وتراقب أدائها وتحاسب مفسديها وفق القانون.
واستنهاض الوعي والفعل لمواجهة كل أشكال الفساد من خلال جهد مشترك تتعاضد به كافة مؤسسات المجتمع.
إضافة إلى وجوب التعاون الدولي لمواجهته والتنسيق بين الدول والمنظمات الإقليمية والدولية لوضع استراتيجيات يتم تحديثها باستمرار لضمان مواجهة المشكلات الناجمة عن كل صور الفساد المعاصرة.
كما أن آليات تعزيز النزاهة والوقاية من الفساد وثقافة مكافحته تعتمد على ايجاد سبل التعاون وتبادل الخبرات والتنسيق فيما بين الدول الأطراف في الاتفاقية الدولية تنفيذاً للبنود الواردة فيها حتى تستطيع الدول من مواجهة ومكافحة الفساد المستشري فيها وخلق وعي مجتمعي ووعي مؤسسي على مستوى سلطات الدولة للقضاء على ظاهرة عملية الانتقاء الوظيفي للعاملين والقيادات على أسس أخلاقية و دور نظام المعلومات الإدارية في الوقاية من الفساد
نجدها فرصة لدعوة الجميع للعمل بروح الشراكة والتكاتف وتظافر الجهود وخلق اصطفاف حقيقي لمواجهة الفساد الذي يشكل بحد ذاته جبهة قوية لتتساند فيما بينها ولن تخرج بلدنا إلى بر الأمان إلا بالقضاء عليه.

By monira mohamed

محررة اقتصادية بخبرة تمتد لأكثر من 13 عامًا. شاركت في تغطية العديد من المؤتمرات الاقتصادية الدولية، ولديها فهم عميق للاتجاهات المالية العالمية. تقيم حاليًا في الإمارات وتساهم في العديد من التحقيقات الاقتصادية الكبيرة.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *