يدق في داخلي الآن إسم مصر لا نبض قلبى، أكاد أسمع نبض الأرض تحت أقدام جنودنا وهم يرفعون العلم، أسمع زغاريد السماء وهى تبارك عبورهم ودمائهم التى طهرّت الأرض من رجس الصهاينة.ربما لم أعايش حرب أكتوبر العظيم،فقد ولدت بعدها بخمس سنوات و لم أشاهد أجواء الحرب و لا انكسار الهزيمة، و لا شاركت فرحة النصر العظيم في وقتها، لكنني بفضل تربيتي بأسرة مصرية تعشق تراب مصر حتى النخاع، ومنها أجيال خدموا بالقوات المسلحة المصرية، تربيت على تقديس العسكرية المصرية، و استوعبت مبكراً معنى أن الأرض هى عِرضنا، شرفنا، و عزتنا، خاصةً إن كانت هذه الأرض أرض مصر، أرض تجلى عليها الله وسمعت صوته، تربيت على إحترام كل ماهو مصرى من التراب للبشر، وتعلمت كيف أحترم مصر فى ذاتى، فحين أقول أنا مصرية، تعنى أنى أحمل في چيناتى حضارة ضربت جذورها عمق التاريخ والعلم والمعارف الإنسانية والفنون، و علىّ أن أحمل كرامة و عزة وأصالة و قوة وشموخ ورقي يليق بكوني مصرية .
لهذا و مصر تحتفل اليوم باليوبيل الذهبى لنصر أكتوبر العظيم، ينتابنى شعور غامر بالفخر و بالفرح، و تكاد نبضات قلبى أن تشق صدرى لتعانق كل بطل من أبطال هذا النصر المجيد، أبطال النصر الذين عرفناهم والذين لم نعرفهم ، أريد أن أقبل كل يدٍ حملت السلاح لتطهر أرضنا وتعيدها حرة، لو بيدى لحفرت أسمائهم بالذهب في الطرقات و على كل مقاعد التلاميذ فى المدارس، وعلى كل سلاح يحمله مجند، وكل قلم يحمله طالب علم، وعلى أبواب الجوامع و الكنائس .
وهذا أقل القليل لنخلد فخرنا بهم و نجعلهم قدوتنا و نمتن لتضحياتهم التى لولاها لما كان هنالك طالب آمن في مدرسته، ولا عالم فى موقعه و لا مصلٍ يأمن في محرابه، لولاهم ماكنا و لا كانت الأرض،تحيه إمتنانٍ وشكرٍ و اعتزازٍ لكل مجند و قائد عسكرى كان الوطن هو قبلته الوحيدة وتحية لكل مفكر و عالم وضع علمه في خدمة مصر لتحقيق هذا النصر، و تحيه للفن المصرى الذى كان حاضراً بقوة في أرض المعركة بصوته، والذى نقل صوت مدافعنا للعالم و زف انتصارنا لكل بيت مصرى وعربى، تحية للصحافة المصرية و أقلامها الباسلة التى كانت صواريخ مضادة لإحباط الشعب المصرى، و مدفعية ثقيلة في قلب العدو، وتحيه لكل من لم نعرف دوره ولم يذكره التاريخ ولم نتشرف بمعرفة إسمه، فكلهم كانوا زخيرة النصر العظيم كلهم مصر .