أصبح قاموسنا اللغوي والعملي يحتوي على بعض المصطلحات الجديدة مثل “أنا باشتغل على قد فلوسهم أو “اشمعنى أنا” ، “يا عم كبر دماغك محدش هيفتش ورانا”، “متحبكهاش قوي”، “فلان ده حنبلي قوي”.

قد تؤدي ضغوط الحياة والتزاماتها لأن يصبح لدى الناس نظرة متشائمة تجاه كل شيء، حتى الجوانب المضيئة الواضحة بالبرهان والدليل القاطع قد يختار الانسان ألا يصدقها على الرغم من أنه بارزة أمامه، وقد يصل الانسان لمرحلة يرفض فيها أن يرى أي شيء إيجابي من حوله بل يكذب نفسه.

 قام مذيع مشهور بتجربة اجتماعية جميلة في اتوبيس عمومي بالقاهرة حاول فيها أن يستكشف ما اذا كانت الأمانة موجودة ولأي مدى، فسأل الناس في الشارع اذا تم الغاء نظام “الكمسري” أو المحصل في باصات النقل العام وترك الموضوع لأمانة الناس فهل تعتقد أن الناس ستدفع الأجرة المطلوبة، وكانت الإجابة بـ”لا”، والبعض قال ربما 20% سيدفعون، وأعلى نسبة من التفاؤل كانت 40%.

 وقام فريق البرنامج بإعداد أحد الباصات بتركيب كاميرات خفية ووضع لافتات توضح مبلغ الأجرة، وان على الركاب وضع المبلغ في الصندوق واخذ التذكرة بأنفسهم، وخلال خط سير الباص ركبه 84 راكب، كانت المحصلة النهائية أن 95% قاموا بدفع الأجرة كاملة.

لقد ذكرت هذا المثال في عدة دورات تدريبية، وسألت المتدربين نفس السؤال الذي سأله المذيع، وكانت نفس الإجابات حرفياً، لدرجة أن أحد المتدربين قال “باستظراف” أن الناس سوف تسرق الصندوق نفسه!!.

لاشك أن مثل تلك الصور النمطية التي يكونها البشر عبر السنين تتجذر وتصبح في حكم المسلمات على الرغم أنها افتراضات بحتة أو مجرد آراء ولم تثبت صحتها، وما فعله المذيع هو أنه قام بتجربة عملية أثبتت أن الناس خيرة بطبعها وتقوم بالتصرف الصحيح.

المشكلة أنه عندما تنتشر الروح الانهزامية والسلبية فإن تأثيرها شديد لأنها تنشر التشاؤم والنظرة السوداوية، وبالتالي يعتقد الكثير أنه “مفيش فايدة” وانه لا مجال لأن يكون هناك شيء إيجابي.

أتمنى أن يركز كل إنسان في عمله وأن يقوم بما يجب القيام به وأن يراعي ضميره ويتقي الله فيما يقوم به، وأن يفعل ذلك حتى لو كان الوحيد.

 ليس من شأني اذا كان المحيطين بي كسولين أو منعدمي الضمير أو فاسدين، ما هو من شأني هو عملي ومهامه وهو ما يجب أن أقوم به دون النظر لما يدور حولي لأنه “ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى”.

إن الإيمان بالله يجب أن يكون أفعال وليس أقوال، فالله عزوجل لن يضيع أجر من أحسن عملا، وذلك ثابت في كل الأديان والثقافات، وهو أمر مفروغ منه، فلما التكاسل والانهزامية والتعميم. إذا كنا نؤمن بالله حقاً فسوف نتقن ما نقوم به، وسوف نتحرك بقناعة أن من يعمل مثقال ذرة خير يره ومن يعمل مثقال ذرة شر يره، سيكون ذلك عن يقين وقناعة راسخة ودون انتظار النتيجة الفورية.

ستأتي النتيجة وقتما تأتي وبالطريقة التي كتبها الله لنا، وربما لا تأتي لنا بل لأبنائنا أو أحبائنا.

أتمنى أن تختفي جمل معينة من قاموسنا اللغوي والعملي مثل “أنا باشتغل على قد فلوسهم أو “اشمعنى أنا” ، “يا عم كبر دماغك محدش هيفتش ورانا”، “متحبكهاش قوي”، “فلان ده حنبلي قوي”.

إقرأ أيضا:

د. علاء جراد يكتب: “زقة” صغيرة تصنع الفارق

د. علاء جراد يكتب: يكفي تَنمُر وتنَطُع!

لاشك أن الخير موجود وباق الى يوم الدين، ولا شك أن هناك نماذج رائعة للإيجابية والاجتهاد، ولكن المشكلة أن من يعملون بجد واجتهاد ليس لديهم وقت للكلام أو حتى الحديث عن أنفسهم وانجازاتهم، أما هؤلاء المثبطون المحبطون هم أصحاب الأصوات المرتفعة وهم من ينشرون السلبية والإحباط. إن التفاؤل والتشاؤم كلاهما معدي، وبالتالي علينا أن نكون حذرين فيما ننشر وفيما نتلقى ولا نسمح لأحد أن يمتص طاقتنا أو يثنينا عن ايجابيتنا وسعينا للنجاح والتحسين سواء على المستوى الشخصي والاجتماعي أو على مستوى العمل والمسار الوظيفي. على المرء أن يسعى والنجاح بيد الله عزوجل.

ملحوظة:رابط مشاهدة التجربة المشار اليها:

By

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *