القاهرة فى 12 أكتوبر/ أ ش أ /
يرى الخبير الإستراتيجي اللواء الدكتور سمير فرج أن خمس دوائر رئيسية للأمن هي التي تتحكم في الفكر والقرار المصري على كافة الإتجاهات،وهي الدائرة العربية،والدائرة الأفريقية،ودائرة حوض نهر النيل،ودائرة البحر الأحمر،ودائرة البحر المتوسط،مؤكدا أن هذه الدوائر تموج بالعديد من التهديدات.
وقال فرج – في كلمة له للتصدير لكتاب “الأمن القومي المصري خط أحمر..رئيس وطني لدولة قوية وشعب يستحق”أصدرته مؤسسة دار التحرير للصحافة والطباعة والنشر اليوم “السبت” ضمن سلسلة “كتاب الجمهورية” – إنه مع توتر الأحداث في المنطقة، وزيادة التصعيد أصبح لزاماً علينا دراسة ورصد، ومتابعة مسار هذه الأحداث في المنطقة،وما لها من تأثير على الأمن القومى المصرى،ولكي نفهم ما يحدث، علينا، أولاً، شرح دوائر الأمن المصرى، التي تتحكم في الفكر والقرار المصرى على كافة الاتجاهات.
وأوضح أن دوائر الأمن المصرى القريبة تتكون من خمس دوائر رئيسية، يتحرك فيها المفكر الاستراتيجي المصرى، قبل اتخاذ أي قرارات مصيرية،الدائرة الأولى هي الدائرة العربية.. فمن المعلوم للجميع،أن مصر هى قلب العالم العربي، وأنه بعد انهيار الأوضاع، مع أحداث الربيع العربي»، في سوريا واليمن وليبيا، ومن قبلهم العراق، وفقدان هذه الدول لجيوشها القوية، أصبحت مصر مرة أخرى، محور الأمان للوطن العربي، لقوة جيشها، وحضارة شعبها الذي لم تؤثر فيه التقلبات التي حدثت بالمنطقة،وجاء إعلان الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسي، في شرم الشيخ، بإنشاء القوة العربية الموحدة، لتكون صمام الأمان لباقي الدول العربية في المنطقة.
أما الدائرة الثانية فهي الدائرة الأفريقية،وقد شهدت هذه الدائرة-كما يقول الخبير الإستراتيجي سمير فرج- فتوراً في التحركات المصرية نحو دول أفريقيا، بعد أن كانت مصر فى عهد الرئيس عبد الناصر، ملجأ لكل حركات التحرر الأفريقية، وداعماً لاقتصادات هذه الدول، وأنشأت منظمة الوحدة الأفريقية،إلا أن غياب الدور المصرى عن أفريقيا خلال فترات سابقة، أدى إلى ابتعاد معظم هذه الدول عن مصر، مما أدى إلى قلة تأثير مصر على الحكومات الأفريقية، وكان أبرز مثال لذلك، متمثلاً في موقف هذه الدول غير المساند ولا الداعم لمصر في مشكلة سد النهضة مع أثيوبيا،ونحمد الله أن الرئيس السيسى فور توليه رئاسة الجمهورية، كان أول أعماله حضور مؤتمر القمة الأفريقي، وما تلا ذلك من تكثيف زياراته للسودان وأثيوبيا، فضلاً عن تكليفه لرئيس الوزراء بزيارة الدول الأفريقية،وبدأ عودة الدور المصرى، مجدداً، فى أفريقيا، لاحتواء هذه الدول. ولا شك أن الفترة القادمة ستشهد المزيد من العلاقات الثنائية مع هذه الدول، خاصة مع طموح مصر في الحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن ممثلة لأفريقيا، وهو ما يتطلب بالضرورة، الكثير من التخطيط والتنسيق مع كل الدول الأفريقية وحكوماتها.
ولفت إلى أن الدائرة الثالثة هي دائرة حوض نهر النيل،وتعتبر هذه الدائرة حالياً من أخطر الدوائر الملتهبة،فنتيجة لإهمال مصر لعلاقاتها مع دول المنبع، وتلاشي دور مصر، تدريجياً، مع هذه الدول، جاءت النتيجة في استغلال أثيوبيا لأحداث ثورة يناير،وما أعقبها من فترة حكم الأخوان، لتبدأ ببناء سد النهضة، وتعطيل المفاوضات، لتكسب أكبر وقت ممكن. ولا شك أن تحرك القيادة السياسية الآن، يسير وفقاً لسيناريوهات معدة،ولقد جاء وعد الرئيس السيسي مطمئناً للمصريين أثناء الاحتفال ببدء زراعة مليون ونصف فدان في الفرافرة، بأنه لن يفرط في حقوق مصر من مياه النيل.
وقال الخبير الإستراتيجي اللواء الدكتور سمير فرج- في كلمته التي تصدرت كتاب “الأمن القومي المصري خط أحمر..رئيس وطني لدولة قوية وشعب يستحق” إن الدائرة الرابعة وهى دائرة البحر الأحمر،في الماضي القريب،لم يكن لتلك الدائرة أهمية كبرى، بل كنا ننظر جميعاً إلى البحر الأحمر باعتباره بحيرة عربية في الشمال كانتا مصر والسعودية، وفي الجنوب كل من السودان واليمن والصومال،وكان مضيق باب المندب تحت السيطرة الكاملة لجمهورية اليمن، ومع تدهور الأحداث في الصومال،بدأت أعمال القرصنة من بعض العناصر الصومالية،باعتراض السفن المارة فى مضيق باب المندب،وخلال أشهر قليلة، تم القضاء على القراصنة الصوماليين،وعادت الملاحة إلى طبيعتها في البحر الأحمر،ولم يدم الوضع طويلاً،إذ اندلعت الأحداث في اليمن،وتصاعدت وتيرتها بسيطرة ميليشيات على عبد الله صالح والحوثيين على عدن،وأجزاء عديدة من اليمن،ووصلت قواتهم إلى جزر باب المندب،وهم ما يعد تهديداً مباشراً للملاحة في البحر الأحمر،وبالتالي في قناة السويس بالرغم من أن تلك الميليشيات لم تتدخل لمنع أو تعطيل الملاحة في البحر الأحمر،خوفاً من تطور الصراع،وجاء تهديد الحوثيين مؤخرا للملاحة ضد السفن الإسرائيلية والبريطانية والأمريكية ليعود التهديد مرة أخرى لباب المندب ولكن يظل هذا الاتجاه الاستراتيجي، ودائرة البحر الأحمر،في بؤرة الاهتمام المصري،وهو ما يوجب علينا تأمينه باستمرار، بمختلف الوسائل أولها الدبلوماسية، والاتفاقات الثنائية، والتحالفات إن وجدت،ويظل العنصر العسكرى متاحاً، إذا ما لزم الأمر. وهذا ما دعا الرئيس السيسي لتوقيع العديد من الصفقات العسكرية، لتبقى مصر، دائماً، جاهزة بـ بقواتها المسلحة لتأمين هذه الدائرة، التي من شأنها التأثير على أكبر وأهم موارد الاقتصاد المصرى، وهو قناة السويس.
وبشأن الدائرة الخامسة والأخيرة وهي دائرة البحر الأبيض المتوسط،أوضح أن تلك الدائرة التي برزت حديثاً على السطح لصانع القرار المصرى،وكان المفكر المري – فى الماضي-يعتبر هذه الدائرة هادئة، لا يعكر صفوها أية نزاعات، سوى ما يمكن أن يحدث بين مصر وإسرائيل إلا أن الأحداث السياسية حولت هذه الدائرة إلى منطقة توتر،وأصبحت دولة ليبيا خارج السيطرة،وكذلك سوريا على الطرف الآخر اشتعلت بها الأحداث،ومازالت مشتعلة،كل ذلك من الممكن احتواؤه،حتى ظهر عامل جديد سيشعل الصراع داخل دائرة البحر المتوسط في الفترة المقبلة،وهو اكتشاف الغاز الطبيعي في مياه البحر المتوسط الأقليمية لمصر وإسرائيل،وكما أكدت كل الدراسات فإن البحر الأبيض المتوسط، يطفو فوق بحيرة من الغاز الطبيعي،وقد عزز ذلك اكتشافات حقل «شروق» المصرى،وقيام شركة بريتيش بتروليوم (BP) بتوقيع اتفاقية مع مصر، مقدارها 12 مليار دولار للبحث عن الغاز تلا ذلك اكتشافات الغاز في سواحل قبرص، وبدأت اليونان، هى الأخرى في أعمال البحث والتنقيب،وهو ما أدى لتكرار زيارات الرئيس السيسي مؤخراً، إلى كل من قبرص واليونان، لترسيم الحدود البحرية بين مصر وهذه الدول، لمنع أي نزاعات مستقبلية في المنطقة، ومنع أي تدخلات أجنبية. واعتباراً من الآن، ستضع مصر هذه الدائرة نصب أعينها لحمايتها بكل الطرق،وهو ما يؤكد مرة أخرى على أهمية ما يقوم به الرئيس عبد الفتاح السيسي بدعم القوات المسلحة المصرية بأحدث الأسلحة الحماية، والدفاع عن الإمكانات الاقتصادية المستقبلية في المنطقة. ففي الماضي كنا نقول أن الحرب في المنطقة ستكون حرب المياه» اليوم فأقول، وبثقة، أن الحرب القادمة، في منطقتنا ستكون «حرب الطاقة».
واختتم الخبير الإستراتيجي اللواء الدكتور سمير فرج كلمته قائلا”عزيزى القارئ، كان ذلك استعراضاً تفصيلياً المجريات الأمور فى المنطقة، ولما تتعرض له مصر من تهديدات تؤثر على أمنها القومي،ونحمد الله على أن رئيس مصر، عبد الفتاح السيسي، بخبرته يعلم تماماً حجم تلك التهديدات التي تؤثر على الدوائر الخمس للأمن القومى المصرى. ولكن يبقي على مصر، وشعب مصر، أن يكون ملماً وواعياً بهذه المخاطر التي لم تجتمع على مصر طوال تاريخها. فلم يحدث أن كانت جميع الجبهات الاستراتيجية لمصر، مهددة عبر التاريخ، مثلما يحدث الآن. وعلى الشعب المصرى أن يكون مدركاً ومتفهماً لكل الأحداث في المنطقة. وأقول دائماً أن ذلك هو قدر مصر، عبر التاريخ، أن تكون مطمعاً للغزاة من الهكسوس.. حتى إنجلترا.. مروراً بنابليون، لكنها ستظل قوية، بفكر قادتها، وصمود شعبها، وقوة جيشها العظيم”.
رحا
/ أ ش أ /
صحيفة إلكترونية اخبارية متخصصه فى الشئون العربية واهم الاخبار