فى وداع محمود بكرى: ألسنة الخلق أقلام الحق

elaosboa832791684125363

الملخص:

  • توفي صديق متواضع ومحب للناس بعد ان احتجز في العناية المركزة لفترة، مخلفا وراءه ذكريات رائعة من اجتماعات قليلة لكن لا تُنسى.
  • الراحل الكاتب الصحفي محمود بكري، أحد أعضاء مجلس الشيوخ، كان مستحقًا للثناء والإعجاب حتى قبل وفاته، وحال حياته شهدت نفس المدى من الإشادة، وهذا يؤكد مقولة أبي “ألسنة الخلق أقلام الحق”.
  • أمة الإسلام تشهد على جميع الأُمم وتقبل شهادتها عند الله، ولا تشهد عليها أي أمة، وعلى يوم القيامة، يشهد النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وأمته لنوح ، فذلك ما ذكره الله في القرآن ورواه البخاري.
  • قبل الله شهادة أمته على من مات منهم، والشهادة الحسنة تجلب الجنة والشهادة السيئة تجلب النار، والأمة هي شهيدي الله في الأرض.
  • المؤمن يبشر في الدنيا وعند مفارقتها وفي الآخرة، وأهل الجنة من استمع إليه خيرا، وأهل النار من استمع إليه شرا، والأولياء لا خوف عليهم ولا يحزنون، لأنهم يؤمنون ويتقون ولهم البشرى في الحياة الدنيا والآخرة.
  • “سُئِلَ ابن مسعود: متى أكون محسنًا ومتى أكون مسيئًا؟ قال: إذا أثنى جيرانك عليك بالخير فأنت محسن، وإذا أثنوا عليك بالشر فأنت مسيئ” (ابن عساكر).

لا أزعم اننى كنت من أصدقائه المقربين، ولم أتشرف بلقائه إلا مرات معدودات لا تجاوز أصابع اليدين، وفى كل مرة كانت تتأكد لدى صورة ذهنية جميلة لشخص متواضع محب للناس يشعرك من أول لقاء أنه يعرفك من زمن بعيد، بشوش الوجه لا تقارقه ابتسامته الجميلة، وقد أزعجنى كثيرا خبر مرضه واحتجازه بالعناية المركزة، ثم كانت الفجيعة بتلقى خبر وفاته فى ساعة مبكرة من صباح يوم الأربعاء الماضى.

إنه المغفور له – إن شاء الله تعالى ـ الكاتب الصحفى محمود بكرى عضو مجلس الشيوخ، المستحق عن جدارة هذا الكم من الثناء الذى تدفق على شخصه الكريم ليس بعد وفاته فحسب، وإنما حال حياته أيضا، وهذا ما جعلنى أتذكر عبارة طالما سمعتها من أبى – عليه رحمة الله ورضوانه -: “ألسنة الخلق أقلام الحق”، وماكنت أحسبها من كلام النبوة، ولها ما يعضدها فى الكتاب والسنة.

فمن الخصائص التي فضل الله عز وجل بها أمة الإسلام عن غيرها: أنها تشهد على جميع الأمم، وتقبل شهادتها عند الله عز وجل، وفي المقابل لا تشهد عليها أى أمة من الأمم، فعن أبي سعيد الخدرى رضى الله عنه أن النبى – صلى الله عليه وسلم – قال: “يُدعى نوح يوم القيامة، فيقول: لبيك وسعديك يا رب، فيقول: هل بلغت؟ فيقول: نعم، فيقال لأمته: هل بلغكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذير، فيقول: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته، فيشهدون أنه قد بلغ، فذلك قوله تعالى: “وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً” (البقرة: 143). رواه البخاري.

وهذه الخصيصة لم تثبت لأحد من الأنبياء، غير النبى محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وقبول الله تعالى لشهادة أمته لا يقتصر على شهادتها على بقية الأمم يوم القيامة، بل تعدى ذلك، فقد قبل الله عز وجل شهادتها على من مات من أبنائها، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: “مُرَّ بجنازة فأُثْنِيَ عليها خيرا، فقال نبيّ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: وجبت وجبت وجبت، ومُرَّ بجنازة فأثني عليها شرّاً، فقال نبيّ الله ـ صلى عليه وسلم ـ: وجبت وجبت وجبت، قال عمر: فدى لك أبي وأمّي، مُرّ بجنازة فأثني عليها خير فقلتَ: وجبت وجبت وجبت، ومرّ بجنازة فأثني عليها شرّ فقلت: وجبت وجبت وجبت؟ فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: من أثنيتم عليه خيراً وجبت له الجنّة، ومن أثنيتم عليه شرّاً وجبت له النّار، أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض” رواه البخاري.

فالمؤمن الحق له البشرى في هذه الحياة الدّنيا، وله البشرى عند مفارقة الدّنيا، وله البشرى في الآخرة، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: “أهل الجنة: مَن ملأ الله تعالى أذنيه من ثناء النّاس خيرا وهو يسمع، وأهل النّار: مَن ملأ الله تعالى أذنيه من ثناء النّاس شرّا وهو يسمع” (رواه ابن ماجة في سننه، وفى صحيح الجامع)، وقال الله عز وجلّ: “أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ” (يونس: 62-64).

وقيل لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: أرأيت الرّجل يعمل العمل من الخير، ويحمده النّاس عليه؟ قال: “تلك عاجل بشرى المؤمن” (رواه مسلم).

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: “قال رجل يا رسول الله متى أكون محسناً ومتى أكون مسيئاً؟ فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: إذا أثنى عليك جيرانك أنك محسن فأنت محسن، وإذا أثنى عليك جيرانك أنك مسيء فأنت مسيء” (رواه ابن عساكر في صحيح الجامع).

نسأل الله حسن الخاتمة، ونسأله سبحانه أن يتغمد فقيد مصر والأسرة الصحفية والبرلمانية وآل بكرى فى صعيد مصر بواسع رحمته، ولهم جميعا منى خالص العزاء.

By naser ali

محرر بخبرة تتجاوز 13 عامًا في الصحافة الاقتصادية. يعمل حاليًا في جريدة المقال حيث يركز على تحليل الأسواق العالمية والتحولات الاقتصادية الكبرى. يقيم في الكويت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *