نقص الأدوية مشكلة أصبحت تؤرق الجميع رغم تأكيد وزير الصحة عدم وجود نقص لأية أدوية فى السوق المحلي.تأكيد وزير الصحة يأتي من واقع أن كل الأدوية المتداول عن نقصها فى السوق لها عدة بدائل بشرط الاعتماد على كتابة الاسم التجاري وليس العلمي للأدوية.وسبق أن طالبت نقابة الصيادلة بتطبيق الاسم العلمي للدواء فى صرف الأدوية للمواطنين، وذلك لحل مشكلة نقص الأدوية عبر توفير بدائل لها بنفس الكفاءة والفعالية وبأسعار مختلفة تناسب الجميع بدلا من حصر المريض في نوع واحد فقط حدده الطبيب رغم انها نفس المادة الفعالة.
ولكن الأطباء رفضوا استخدام الاسم العلمي لكتابة الأدوية في الروشتة الطبية بعد تشخيص الحالة، وهو النظام المتبع فى مصر، مؤكدين أن التحول لكتابة الدواء بالاسم التجاري فيه إيذاء للمريض.ووفقا لبيانات رسمية، بلغ حجم مبيعات الأدوية فى مصر 170 مليار جنيه (5.5 مليار دولار) خلال عام 2022، ونمت صادرات مصر من الأدوية والمستحضرات الطبية لتصل إلى 530 مليون دولار خلال النصف الأول من عام 2023 بنسبة نمو 14%، ويستهدف المجلس التصديري تحقيق زيادة بنسبة 30% هذا العام.مخزون استراتيجيالدكتور محفوظ رمزي، رئيس لجنة التصنيع الدوائي بنقابة صيادلة القاهرة، قال إن هناك بعض النقص فى الأدوية التي يتم استيرادها من الخارج منها الأنسولين، ولكن هناك مخزونًا استراتيجي في الدولة للتعامل فى مثل هذه الحالات.وأشار الى ان هناك نوعًا من أنواع الأنسولين يستخدم 80% منه لغرض التخسيس وليس علاج السكري، موضحًا أنه على المريض الذى لا يجد النوع المستورد الذى يريده فمن الممكن أن يأخذ نوعًا محليًّا مماثلًا له فى نفس المادة الفعالة حتى لا نصنع أزمة، كما يجب على الأطباء الكتابة على الروشتة أن الطبيب الصيدلي هو الخبير بالدواء ومن حقه تبديل الدواء بنفس المادة الفعالة.وأوضح الدكتور على عوف، رئيس شعبة الأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن هناك نوعين من الأدوية فى مصر، الأول الأدوية الحيوية التي ليست لها بدائل أو مثيل ومنها أدوية الأورام، وصبغات الأشعة، وهذه الأدوية متوافرة فى السوق المحلي، وهناك احتياطي منها يكفي الاستهلاك لمدة 3 أشهر، كما أن هناك ضوابط فى صرفها حتى لا تباع فى السوق السوداء، وتباع فى منافذ محددة بالسعر الرسمي، وهناك خط ساخن تابع لوزارة الصحة للإبلاغ عن نقص هذه الأدوية، وتوجه الوزارة المرضى للأماكن المتوفر بها هذه الأدوية.أما النوع الثاني من الأدوية، والتي لها بديل، فإنه لا يواجه نقصا فى المعروض، ولكن الثقافة الشعبية للمرضى فى مصر تعتمد على الاسم التجاري للدواء، ولذا مع نقص بعض الأدوية المعروفة فى السوق المحلي يشتكي المرضى من نقص الدواء عموما رغم توافر بدائل لها بنفس الجودة والفعالية وقد تكون أرخص سعرا، مطالبا الصيادلة بتوعية المرضى بتوافر بدائل للأدوية.وأكد عوف توافر الأدوية لعلاج كل الأمراض، قائلا إن هيئة الدواء المصرية ترصد طلبات المواد الخام ومستلزمات الإنتاج لمصانع الأدوية، وحجم الطلب والمتاح فى السوق من الأدوية، للتأكد من توافرها فى السوق دون زيادة سعرية، من خلال التواصل مع الشركات لسرعة تدبير النقد الأجنبي، والإفراج الجمركي عن مستلزمات الإنتاج لإتاحة الدواء بالكميات المطلوبة فى السوق.وسبق ان اجتمعت الحكومة مع مسؤولي صناعة الدواء خلال الفترة الماضية، وتم الاتفاق على 3 ملفات:أولا: تعزيز المخزون الاستراتيجي من الأدوية والمواد الخام فى السوق المحلي، وأصدر رئيس الوزراء تعليمات للبنك المركزي لسرعة الإفراج عن المواد الخام والأدوية والمستلزمات الطبية، مع تخصيص 100 مليون دولار شهريا لقطاع الدواء لاستيراد المواد الخام ومستلزمات الإنتاج للمصانع، و150 مليون دولار شهريا لتوفير مستلزمات الطبية، ويساعد هذا القرار على زيادة المخزون الاستراتيجي من الأدوية من 6-12 شهرا بدلا من 3-6 شهور حاليا مما يجنب الدولة مخاطر أي تقلبات خارجية.ثانيا: توطين وتعميق التصنيع المحلي للدواء لتخفيض فاتورة الاستيراد، ومن ثم توفير الدولار، وهناك مصانع جديدة جار العمل على إنشائها لإنتاج أدوية الأمراض المزمنة مثل مصنع لإنتاج أدوية الأورام، وآخر لإنتاج البنسلين يغطي نسبة 50% من الطلب المحلي بدلا من 10% سابقا.ثالثا: الاتفاق على دعم زيادة الصادرات المصرية من الدواء.
أكد وزير الصحة والسكان ان مصر تنتج 95% من الأدوية شائعة الاستخدام محليا الخاصة بأمراض السكر والضغط، والمسكنات والمضادات الحيوية، أما الأدوية التي لا تصنع محليا مثل أدوية الأورام والأدوية البيولوجية تعمل الدولة على توفيرها فى السوق المحلي دون أن يتأثر القطاع الصحي بأي أزمات خاصة بالعملة الصعبة.سبب رفض الأطباءرفض الدكتور محمد منصور استشاري الباطنة والسكر كتابة الاسم العلمي للمرضى، موضحا أن هناك عدة شكاوى من المرضى بسبب نقص بعض أنواع الأنسولين فى التأمين الصحي، ونظرًا لأن الأنسولين أنواع فأحيانًا يوجد نقص داخل فى أحد الأنواع، فيقوم التأمين بصرف نوع آخر من الأنسولين كبديل للنوع الأول، وهنا نواجه مشكلة بأن أحيانًا يكون البديل غير مناسب لأن مفعول الأنسولين يختلف من نوع لآخر، هناك نوع يوجد فى الدم لمدة 4 ساعات ونوع آخر يوجد داخل الدم لمدة 6 ساعات، إلى جانب أن كل نوع أنسولين يوجد له قلم خاص به.وعن مضاعفات أخذ بديل الأنسولين للأطفال، أضاف أن المشكلة تكمن عندما يأخذ الطفل نوعًا مختلفًا تمامًا عن النوع المعتاد عليه فلكل نوع طريقة عمل خاصة به، ولذا فمن أحد الأعراض عدم استقرار السكر داخل الدم، وأنه يجب على الأم عند أخذ البديل أن تسأل الطبيب عن طريقة التعامل مع النوع الجديد.كما أكد الدكتور سيد فرحات، استشاري طب الأطفال، رفضه استخدام الاسم العلمي لوصف الأدوية للمرضى، نظرا لاختلاف نسبة المادة الفعالة بين الدواء الأصلي والبديل مما يؤثر على صحة المرضى، مؤكد التحول عن كتابة الدواء بالاسم التجاري إيذاء للمريض، مشيراً إلى أن الأطباء هم من يقومون بكتابة الدواء للمريض ولم يعتد الطبيب كتابة الاسم العلمي لكن اسم الدواء نفسه، وهو النظام المتبع فى مصر منذ سنوات طويلة.
المتعارف عليه عالمياقال الدكتور علاء الدين إبراهيم، استشاري أمراض الكبد والجهاز الهضمي، إن كتابة الاسم العلمي للدواء فى الوصفة الطبية متعارف عليه في أوروبا وأمريكا، مؤكدا أن هذا الإجراء يسهل على الطبيب حفظ أكثر من اسم تجاري للأدوية متشابهة الفاعلية، ولكن تنفيذ هذا القرار في مصر يحتاج ان تكون جميع الأدوية المرخصة للتداول فى الدولة متساوية الفاعلية، مشيرا إلى تخوف الأطباء من قلة نسبة المادة الفعالة فى بعض بدائل الأدوية مما جعلهم يعانون فى كتابة الروشتة بالاسم العلمي وليس التجاري.الرصد والمتابعةومن جانبها، أعلنت هيئة الدواء المصرية، أنه تم استحداث نظام للرصد والمتابعة لتجنب حدوث أي نقص فى الأدوية من خلال متابعة مخزون الأدوية المهمة والحيوية كمجموعات أدوية الأنسولين والضغط، وأدوية الرعاية والطوارئ والسكر والأورام، وصبغات الأشعة والشلل الرعاش، ومشتقات الدم، وأدوية المناعة والمحاليل الوريدية وأدوية التخدير وغيرها من الأدوية، بهدف تغطية احتياجات السوق المحلي، وكذلك المستشفيات الحكومية من خلال التنسيق مع هيئة الشراء الموحد.
ولحل أزمة نواقص الأدوية، أعلنت هيئة الدواء عن تدشين خط ساخن 15301 يمكن من خلاله الاستفسار عن نواقص الأدوية، وأماكن توافرها على مدار 24 ساعة طوال أيام الأسبوع.وأشارت الهيئة إلى أن هذه الخدمة متاحة أيضًا على موقع الهيئة، وتتيح لكافة المواطنين الاستفسار عن مدى توافر المستحضرات الدوائية فى السوق الدوائي المصري، ومن ثم تقوم الإدارة المعنية بهيئة الدواء المصرية بالتواصل مع مقدم الاستفسار للإجابة عن الاستفسار المقدم.وأكدت على سرية البيانات، حيث يتم التعامل مع البلاغات الواردة بسرية تامة، وهي محمية بشكل كامل من قبل هيئة الدواء المصرية، بما فى ذلك بيانات المستفسر، ولن يتم الإفصاح عنها تحت أي ظرف من الظروف.لافتة إلى أنه يجب على مقدم البلاغ التأكد من توفير بعض المعلومات مثل اسم المستحضر الدوائي باللغة العربية والروشتة وشكل المستحضر الدوائي، وفي النهاية تبقى المشكلة حائرة بين الأطباء والصيادلة ووزير الصحة!