متابعة من سوريا للجمهورية الثانية: أشرف التهامي
لا يتلاعب الطيارون ومن خلفهم قياداتهم بأرواح بعضهم بعضا فقط، فهم قد يدفعون العالم نحو كارثة عالمية هي بالأساس تقف عند حدودها النهائية في أوكرانيا وقبلها ومعها في سوريا.
ساحات الصراع في سوريا متعددة ومتنوعة على الأرض وفي السماء بين الخصوم وحتى الحلفاء. في كل مرة تدشن مرحلة جديدة يبدو أن أعلاها كان الاحتكاك الخشن بين الطائرات المسيرة الأميركية ونظيرتها الحربية الروسية، وقد يكون للحظ دور في عدم تطورها أو وقوع خسائر من أي طرف.
في شمالي سوريا وتحديدا في أقرب نقطة تماس بين روسيا وإيران من جهة وتركيا من جهة أخرى، يبدو أن المشهد أخذ تصاعدا غير معتاد مع اقتراب القوتين الكبريين من الصدام بعيدا عن الوكلاء كما تجري الأمور، فتحولت تدريبات روسيا وقوات الفرقة الخامسة والعشرين الموالية لها إلى اختبار جديد لصبر واشنطن وموسكو، قد يكون انتهى باحتكاك وصفته القيادة المركزية الأميركية بغير المحترف.
ليس بجديد ما حدث في شمالي سوريا، وهو أمر بات شبه اعتيادي على مدار الأشهر الفائتة مع تبادل موسكو وواشنطن بيانات رصد خروق الطرف الآخر، حتى إن مركز المصالحة الروسي قال في بيان سابق إنه تم تسجيل 315 انتهاكا أميركيا لمذكرة السلامة الجوية في سوريا المعمول بها منذ نحو عشر سنوات، وشهدت تذبذبات في خطوط الاتصال نتيجة التطورات في أوكرانيا.
ضمانا للتوازن أو تعزيزا للردع، دأبت كل من روسيا وأميركا، على إعادة التسلح في الشرق الأوسط للمرة الأولى منذ غزو أوكرانيا، وذلك بعد إعلان واشنطن إرسال فخر طائراتها الحربية إف 22، قالت حينذاك إنها مضطرة لذلك نتيجة التصرفات العدوانية للطيارين الروس.
التراشق بالبيانات والبالونات الحرارية يبدو أنه لم يكن سوى تحذير أخير، فهو يعكس تاريخا طويلا من التفاعلات المثيرة للجدل بين القوات الأميركية والروسية في سوريا والتي ستستمر وسط توترات أوسع، لا تعرف لها نهاية.