هشام النجار يكتب: قراءة مختلفة للأحداث في ضوء عملية اغتيال في سوريا.. ماذا يجري بين روسيا وإيران وحماس وإسرائيل؟!

مقال هشام النجار 2 21727542145

لا أحد يعرف كيف تفكر دمشق، من يفهم ما يجري بسوريا وكيف تُدار الصراعات هناك وخلفياتها يعرف كيف تمضي الأمور بالمنطقة وربما في العالم، لذلك لا يفوت المراقب والمحلل المدقق أي حدث مهم يحصل بهذا البلد الذي يخسر العرب إذا أهملوه مهما يكن من أمر، وفي المقابل تتصارع بشأنه كل قوى العالم وقوى الإقليم كونها تعلم جيدًا ما تمثله سوريا كفضاء حيوي لتعظيم مستويات النفوذ والقبض على مقاليد وأوراق القوة.

دعونا نرجع قليلًا للوراء قبل قرابة الثلاثة أشهر لنرى ماذا جرى وما معناه وتفسيراته، وكيف نقرأ الأحداث بطريقة مختلفة في ضوء معطياته.

في 5 يوليو الماضي 2024م أعلنت الحكومة السورية وفاة لونا الشبل، وهي مديرة المكتب السياسي والإعلامي التابع للرئيس بشار الأسد.

في عام 2016 تزوجت لونا الشبل من عمار ساعاتي وهو عضو سابق في البرلمان وزميل معروف لشقيق الرئيس ماهر الأسد الذي يتولى قيادة الجيش، والذي غالبًا ما تعمل (فرقته الرابعة المدرعة) إلى جانب الأفراد العسكريين الإيرانيين ووكلاء الميليشيات في سوريا، وقد ساهمت هذه الصلة في إصدار قرار الحكومة الأميركية بفرض العقوبات على الزوجين (لونا الشبل وعمار ساعاتي) في أغسطس 2020.

قام الأسد في نوفمبر 2020 بترقية لونا الشبل إلى منصب المستشارة الخاصة للرئيس، فبينما كانت دمشق تنفذ حملةً للانضمام مجددًا إلى جامعة الدول العربية بعد مرور عقدٍ من العزلة الدبلوماسية، عملت الشبل كواحدة من أبرز مستشاريه في هذه القضية، وكانت تجلس خلفه في القمة العربية المنعقدة في جدة في مايو 2023.

تعرف لونا الشبل الكثير وتملك الكثير من الخفايا والأسرار، فهي مقربة جدًا من بشار الأسد، وتحظى بنفوذ قوي في سوريا، وبحوزتها الكثير من الملفات الدقيقة، وحظيت بصلاحيات استثنائية جدًا، فهي كانت تعلن عن كل ما يريد بشار الأسد القيام به وبأوامر مباشرة منه، لكن بعد نشوب الصراع الخفي بين النظام السوري وإيران، أتت التحذيرات بأن هناك استهدافات ستطال مقربين من النظام.

المستفيدون من قتل لونا الشبل كثيرون، فالنظام معروف عنه بأنه من فترة إلى أخرى يقوم بتصفية بعض المقربين الذين يملكون معلومات عن خفاياه وخصوصًا الضباط الأمنيين، ومعظمهم تم قتلهم في ظروف غامضة، والشبل تملك الكثير وتعلم الكثير عن بشار الأسد وعائلته، إضافة إلى أسرار لا يعرفها أحد سوى بشار الأسد ولونا الشبل وحدهما، لكن اغتيالها كشف الكثير من الأسرار ويجعلنا نقرأ العديد من الأحداث المفصلية خلال الفترة الأخيرة بشكل مختلف.

سيناريو عملية الاغتيال

السيناريو يفترض أن لونا الشبل كانت مقربة من روسيا، فهي محسوبة على الجناح الروسي ومقربة جدًا من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وجهاز الاستخبارات الروسي، وأنها من موقعها القريب من الدائرة الضيقة المحيطة بالأسد، سربت معلومات عن لقاء مهم في القنصلية الإيرانية المجاورة لمبنى السفارة بدمشق، إلى شقيقها (العميد مُلهم الشبل)، ووصلت هذه المعلومات إلى إسرائيل بطريقة ما، فقامت تل أبيب بقصف المبنى في 1 أبريل الماضي أثناء اجتماع قادة في الحرس الثوري الإيراني، وهو ما أدى إلى تدميره وقتل الجنرال محمد رضا زاهدي قائد فيلق حرس الثورة لسوريا ولبنان مع عدد آخر من القادة الكبار.

وفي ضوء ذلك يكون من دبر ونفذ عملية اغتيال لونا الشبل إما الجناح الإيراني داخل دائرة النظام السوري الذي لا يزال يتمتع ببعض النفوذ رغم توتر العلاقات، أو يكون نظام الرئيس بشار الأسد نفسه، حتى لا تكشف لونا إذا تم توقيفها المزيد من أسرار شبكة التجسس للإيرانيين.

يعزز سيناريو الاغتيال الذي يرجح فرضية أن لونا الشبل دُبرت بحقها عملية اغتيال ولم يكن موتها قضاءً وقدرًا العديد من الشواهد والملابسات المهمة، منها أن السيارة التي صدمتها (وقد كانت تستقل سيارة زوجها بعد اعتقاله) مصفحة ومجهزة بدعامة حديدية في مقدمتها، ما يرجح فرضية الإغتيال.

ومن الشواهد المهمة أيضًا أن زوجها عمار ساعاتي صدر قرار بفصله من جامعة دمشق في مطلع يونيو الماضي بتهم فساد، كما جرى توقيفه وصدر بحقه قرار منعه من السفر، وكان يعمل أستاذًا مساعدًا في قسم هندسة الطاقة الكهربائية بكلية الهندسة الميكانيكي، وثبت أن لونا كانت تخطط مع زوجها للسفر إلى سوتشي الروسية حيث يقال إن زوجته تملك منتجعًا هناك أهداها إياه بوتين.

كما سبق هذه الأحداث بوقت قصير اعتقال أخيها ملهم الشبل الضابط بالجيش السوري برتبة عميد ومنعه من السفر لاتهامه بالعمالة لجهات أجنبية ووضع تحت الإقامة الجبرية.

ووضح أن عمليات التوقيف والطرد من الوظيفة والمنع من السفر ثم الاغتيال قد أفشلت محاولة الزوجين (لونا وساعاتي) للهرب إلى سوتشي الروسية، بالتزامن مع الكشف عن تحويل مبالغ مالية كبيرة إلى الخارج من خلال شراكات مشبوهة، لذا تم توقيف الزوج في المطار ومنعه من السفر، قبل إعطاء الضوء الأخضر لاغتيال زوجته.

تداولت مواقع صحفية وفضائيات مثل (تلفزيون سوريا) ملابسات خفية لكشف شبكة تجسس في القصر الجمهوري تتخابر مع إسرائيل وتعطيها معلومات مهمة خاصة تلك المتعلقة بمواقع حزب الله والحرس الثوري الإيراني وقادته في سوريا، وجرى اكتشاف الخلية التجسسية بعد وفاة الرئيس الإيراني في حادث تحطم طائرته.

دهمت استخبارات الحرس الثوري الإيراني القصر الجمهوري واعتقلت ضباطًا سوريين منهم العقيدان جعفر الصالح من لجنة مكافحة الفساد ومنهل سليمان من الحرس الجمهوري التابعان لشبكة (لونا الشبل) بعد كشف تجسسهم لصالح إسرائيل والولايات المتحدة، وكشف الإيرانيون مراسلات مسربة للونا الشبل تتضمن معلومات مهمة ودقيقة عن الوجود العسكري الإيراني في سوريا وتوزعهم وخريطة مراكزهم وطرق إمداداتهم اللوجستية من إيران إلى العراق إلى سوريا ومن ثم إلى لبنان، ومعلومات عن عمل الميليشيات المسلحة في سوريا.

وما أكد فرضية الاغتيال أيضًا العديد من المظاهر والشكليات التي واكبت الاغتيال وأعقبته مثل منع أي أحد من دخول المشفى الموجودة به لونا من قِبل ملثمين، حتى زوجها المقرب جدًا لماهر الأسد وبشار الأسد أيضًا عُومل بطريقة مهينة ومُنع من رؤيتها، بالإضافة إلى احتجاز مرافقها وسائقها من جهة مجهولة ولا وجود لأي معلومات عنهم.

تفاجأ الجميع أثناء التشييع بجنازة لا تليق بمستشارة في القصر الرئاسي، في غياب أي شخصية رسمية تمثل القصر والدولة، حيث لم يحضر إلا زوجها من المقربين وبعض الأشخاص من الممكن أن يكونوا قد تصادف وجودهم في المسجد لتأدية صلاة الظهر وخرجوا بالجنازة كما هي العادة.

لفت أيضًا عدم بث القنوات الإعلامية الحكومية تغطية الجنازة كما هي العادة للشخصيات الرسمية، وخصوصًا لمكانتها (كمستشارة إعلامية للرئيس السوري)، وجاء التشييع ليقطع الشك باليقين للعديد من التساؤلات حول مصرعها بحال كان قدرًا أم اغتيالًا، كما لاحظ المراقبون غياب الرئيس السوري بشار الأسد عن مراسم التأبين وفاة إبراهيم رئيسي الرئيس الإيراني السابق، وعلى الرغم من حضور خمسين وفدًا أجنبيًا من رؤساء الدول ووزراء خارجية ومسؤولين آخرين، ورغم عمق العلاقات الإستراتيجية والتحالف بين الدولتين.

ولم يمض يومان حتى أصدرت رئاسة النظام السوري بيانًا عن (خضوع أسماء الأسد لبروتوكول علاجي يتطلب شروط العزل وتحقيق التباعد الاجتماعي، وبالتالي ستبتعد عن العمل المباشر والمشاركة في الفعاليات والأنشطة كجزء من خطة العلاج)-بحسب ما جاء حرفيًا بالبيان في 19 يوليو 2024م- علمًا أن هذا المرض لا يستدعي التباعد الاجتماعي مما رجح تعمد إبعاد أسماء الأسد عن المشهد السوري اجتماعيًا واقتصاديًا وسياسيًا في هذا الوقت بحجة المرض.

جاء لقاء الأسد بخامنئي بعد عشرة أيام من وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، على هيئة استدعاء من قِبَلِ خامنئي للاستماع عما حصل في القصر الجمهوري بدمشق وما تم اكتشافه من شبكات تجسس للدائرة المقربة لرئيس النظام السوري.

قراءة مختلفة لأحداث المرحلة الماضية

بناء على ما سبق، فما هي مصلحة روسيا في تسريب معلومات حساسة إلى إسرائيل عن طريق شبكتها الخاصة في سوريا التي تتزعمها لونا الشبل، وما ترتب على ذلك من أحداث جسيمة كادت تؤدي إلى حرب شاملة في المنطقة؟

وهل لهذا علاقة بما سربته جهات مقربة من محور الممانعة والمقاومة عن دور لروسيا أيضًا بتقديم المساعدة التقنية أو الإستخبارية لحركة حماس عشية هجوم السابع من أكتوبر الماضي، وهو ما أدى بدوره إلى اندلاع صراع دموي ومدمر غير مسبوق في المنطقة، وله الآن تداعياته الإستراتيجية السياسية والعسكرية في أوروبا، لا سيما في مسرح العمليات الساخن في أوكرانيا، التي هي ساحة الصدام المباشر بين روسيا وحلف شمال الأطلسي، كما له آثاره السياسية في الغرب عامة؟

هل اكتشف الإسرائيليون الاختراق الروسي لمصلحة حماس في غلاف غزة، فكان تسليم المعلومات عن (رضا زاهدي) هي طريقة موسكو في التعويض على إسرائيل لامتصاص غضبها وكسب رضاها بعد ارتكاب خطأ التعاون مع حماس؟

ما كان مثيرًا للاهتمام منذ الأيام الأولى لطوفان الأقصى تصريح الرئيس الأميركي جو بايدن الذي ربط بين (بوتين وحماس)، وتصريحات بعض رجال الكونجرس الأميركي عن حلف حماس مع روسيا والصين إلى جانب إيران، لأن موسكو وبكين صدتا أي قرار في مجلس الأمن يدين حركة حماس باستعمال حقهما في النقض.

ما مصلحة روسيا في توريط إيران؟

لا بد من رصد المصلحة الإستراتيجية الروسية في تفجير الحرب في الشرق الأوسط؛ فمنذ 7 أكتوبر الماضي انتقل الاهتمام الغربي برمته من أوكرانيا إلى إسرائيل، وانقطعت الإمدادات العسكرية عن كييف، وهو ما سمح لروسيا بتحقيق إنجازات تكتيكية على طول الجبهة ودفع الرئيس الأميركي جو بايدن إلى محاولة كبح جماح حليفه بنيامين نتنياهو منذ الأشهر الأولى للحرب في غزة لوقف الحرب والعودة إلى جبهة أوكرانيا، إلى أن قررت الإدارة الأميركية على مراحل تخفيف شحن الأسلحة إلى إسرائيل والعودة إلى تعزيز دفاعات أوكرانيا.

تسربت في هذه اللحظة المفصلية معلومات من دمشق إلى تل أبيب التي سارعت إلى قصف القنصلية الإيرانية في دمشق دون اعتبار للاتفاقيات الدولية التي ترعى حصانة البعثات الدبلوماسية في الدول الأخرى، وكان الهدف الإسرائيلي من الإغارة إشعال حرب إقليمية في المنطقة تكون الولايات المتحدة طرفًا طبيعيًا فيها مع إسرائيل.

ولموسكو الحليفة لطهران في عدة ملفات مصلحة مشتركة مع إسرائيل في إشعال هذه الحرب لأنها ستكون الضربة القاضية لأوكرانيا، إذ كان من المتوقع أن تحرم كييف بشكل شبه كامل من أي إمداد عسكري، فتكون طريق النصر مفتوحة أمام الاتحاد الروسي.

خيب ما جرى لاحقًا آمال موسكو وتل أبيب معًا، وذلك لأن إدارة بايدن ضغطت على طرفَي النزاع المرتقب إسرائيل وإيران كي يكون الانتقام محدودًا، وهكذا كان.

شعرت روسيا بالقلق من حرص الولايات المتحدة على إيران، ومن براغماتية النظام الإيراني الذي حاول مقايضة الرد المتوقع منه على أهداف إسرائيلية، بمكاسب سياسية وإستراتيجية، ومنها وقف إطلاق النار في غزة، لكن نتنياهو كان متمسكًا -وما زال كذلك- باستمرار الحرب مهما تكن العروض أو الشروط تحت عنوان: تحقيق النصر الكامل على حماس، ومن حماس انتقل إلى حزب الله.

قد تكون التحقيقات الإيرانية في سوريا قد وصلت إلى نتائج ما، بدليل مقتل لونا الشبل، وهو الحادث الذي كان بمنزلة إصدار حكم علني بالإعدام، لتوجيه رسائل متعددة الاتجاهات، إلى حلفائها بالدرجة الأولى، داخل النظام وخارجه، فيما كان بالإمكان التخلص من الأفراد المتورطين بتسريب المعلومات، حتى لو لم يكونوا يدركون أنها ستصل إلى إسرائيل وتقع الكارثة الموصوفة.

إذا كانت المعلومات الحساسة تسربت من الشبل إلى الروس ومنهم إلى إسرائيل، أو كانت الشبل صلة الوصل لشبكة تجسسية مع إسرائيل، كما حاول البعض الدفع بهذا الاحتمال، تعريضًا بانتمائها إلى طائفة الموحدين الدروز وإمكانية اختراقها من دروز إسرائيل، فإن النتيجة العملية واحدة وهي أن الاختراق الأمني كان خطرًا إلى درجة كبيرة، لكن تسريب المعلومات مباشرة إلى إسرائيل قد يكون بالغ الخطورة ومتعذرًا دون دراية من الأسد نفسه.

التعامل مع الفرضية الروسية

رشحت معلومات عن مصادر إيرانية تُفيد بأن الروس هم الذين زودوا الإسرائيليين بالمعلومات التي أوصلتهم إلى قادة الحرس الثوري في القنصلية الإيرانية بدمشق.

ويرى الكاتبان إريك يافورسكي وأندرو جيه تابلر في تقرير نشره معهد واشنطن أن وفاة الشبل تنذر بحدوث المزيد من التغييرات، حيث تعيد الدول العربية التعامل بشكلٍ رسميٍ مع دمشق وتستعد واشنطن لتجديد عقوبات (قيصر) قبل انتهاء صلاحيتها في ديسمبر.

تُذكر وفاة الشبل بأن الشخصيات الأخرى غير العلوية التي أُحضِرت إلى قلب النظام العلوي بعد انتفاضة عام 2011 قد تخرج قريبًا من المشهد السياسي بطريقةٍ أو بأخرى.

ومن المؤكد أن وفاة الشبل في حد ذاتها لن تثير على الأرجح التوترات الطائفية، فأحد أسباب دفنها في دمشق هو أن المتظاهرين الدروز في محافظة السويداء التي تنتمي إليها اعتبروها رهن الأسد، إلا أن استمرار خروج الشخصيات غير العلوية قد يزيد من حصة الطائفة داخل النظام لتعود إلى مستوياتها ما قبل الانتفاضة، مما قد يؤدي إلى تأجيج الاضطرابات على نطاقٍ أوسع في المستقبل.

وربما تكون وفاة الشبل أيضًا بمثابة تحذيرٍ وجهه كبار عناصر النظام وداعموهم الإيرانيون، وهو مرتبط على الأرجح بتصاعد الضربات الإسرائيلية في وقتٍ سابقٍ من هذا العام، أو ربما حدث ذلك ببساطة لأنها تعرف الكثير من المعلومات عن الرئيس ودائرته، وكان لا بد من التخلص منها لأسبابٍ أخرى.

قد يكون القصد من هذه الاغتيالات هو ضمان الانضباط الداخلي بينما تتعامل الدول العربية وتركيا وحتى أوروبا مع دمشق من أجل معالجة قائمة طويلة من القضايا والملفات، فيما تفكر واشنطن في احتمال الانسحاب من شمال شرق سوريا.

إذن قام الحرس الثوري الإيراني منذ مطلع أبريل الماضي بتحقيق مكثف في سوريا لمعرفة الجهة التي أوصلت المعلومات عن الاجتماع الذي ضم قادة الحرس الثوري وفي مقدمتهم محمد رضا زاهدي في القنصلية الإيرانية، وبغرض كشف الشبكة التجسسية التي ترصد التحركات الإيرانية في سوريا، ويبدو أن التحقيق وصل إلى خواتيمه، وكان مصرع الإعلامية لونا الشبل هو إحدى نتائج التحقيق.

تكشف عملية اغتيال لونا الشبل عن صراع كبير بين أجنحة النظام السوري، خصوصًا بين جناحين تابعين للنظام، الأول يكن بالولاء لآل الأسد، والثاني أيضًا صحيح انه تابع للنظام السوري لكن ولاءه لإيران، وهذا الجناح بدأ يقترب من إيران بعد تنامي نفوذ روسيا في سوريا وانحسار النفوذ الإيراني، بعدما قرر الأسد التخلي عن سياسة وحدة الساحات ورسم خطًا روسيًا لسياسة نظامه، بعيدًا عن أي تعاون مع إيران، واكتفى بعلاقة كلاسيكية معها، يصفها مقربين من النظام بأنها باتت كأي علاقة مع أي دولة أخرى.

يُرجح أن تكون الجهة التي تقف وراء اغتيال لونا الشبل هي إيران، خصوصًا بعد ورود معلومات بأن الشبل كانت تملك كافة وثائق تحركات الميليشيات الإيرانية وخصوصا حزب الله وخرائط تحركات قادة الحرس الثوري الإيراني في سوريا، وتلك المعلومات كانت تصل إلى الشبل عن طريق المخابرات السورية بأوامر مباشرة من بشار الأسد، كما تردد أنها كانت على تنسيق مع أجهزة إستخبارات دولية (خاصة مع الإستخبارات الروسية وربما الموساد بشكل مباشر) من أجل تزويدهم بكافة تفاصيل تحركات حزب الله والحرس الثوري ونقل الذخائر والأسلحة المتطورة، وهذا ما عرض حزب الله والمليشيات الإيرانية وقادة ورموز الحرس الثوري إلى ضربات إسرائيلية وعمليات إغتيال وتصفية نوعية، إضافة إلى معلومات سياسية لها علاقة بتفاصيل ومواقع انتشار الميليشيات الإيرانية على الأراضي السورية.

أخيرًا: هناك من يرجح بأن النظام السوري بأوامر مباشرة من الرئيس الأسد نفسه هو من قام بتصفية لونا الشبل، وأنها خضعت إلى تحقيق منذ فترة، ويبدو أنها أفشت بعض الأمور السرية، وكشفت المستور لبعض الأجهزة الإستخباراتية الدولية، وتخطت الخطوط الحمراء فأراد النظام التخلص منها.

بات مؤكدًا ضلوع لونا الشبل بالإدلاء بمعلومات عن الإيرانيين لإسرائيل، أما ما لم يتم تأكيده هو هل ما قامت به لونا هو اجتهاد وطموح لديها وهي من أصحاب السوابق بتجاوز الأسد في هذا النطاق وخصوصًا بعلاقتها الخاصة جدًا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وبعض الشخصيات من دائرته الضيقة، وبالتالي أصابع الاتهام متوجهة للإيرانيين، أم ما قامت به هو تكليف من الأسد وبالتالي عمل الأسد على تصفيتها خوفًا من نتائج التحقيق الإيراني معها وفتح الصندوق الأسود.

السؤال الأهم بحال كانت الفرضية الثانية بضلوع بشار بتشكيل شبكة التجسس، وخصوصًا بعد فتور علاقاته مع إيران منذ عدة شهور ورغبة الأسد بأن يخرج من قوقعته والعودة إلى الحاضنة العربية والغربية والخلاص من العبء الإيراني المنهك أيضًا بالعقوبات الأميركية.

فهل تتجاوز إيران هذا الأمر وتبقي على دعمها للأسد، أم ستكون أول من يتخلى عنه؟

By

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *