متابعة – فريق منتصف اليوم
السعودية تحلم بأن تحقق رقما قياسيا جديدا في استقبال الحجاج من حول العالم، لأداء فريضة الحج هذا الموسم، بعد فترة من الانغلاقات.
الموسم الذى يبدأ غدا الأحد، بعد ثلاثة أعوام من “الحج المحدود” والقيود الصارمة التي فرضتها جائحة كورونا، تعول عليه المملكة كثيرا.
أجبر الوباء العالمي في عام 2020 السلطات السعودية على تنظيم حج محدود لا يتجاوز ألف حاج من داخل البلاد، بينما تعود المشاعر المقدسة بمكة هذا العام لاستقبال أكثر من مليوني حاج، وهو الرقم المعتاد قبل الجائحة.
زخم الحجاج
كان عدد الحجاج قد زاد شيئاً فشيئاً خلال الأعوام الماضية، ففي عام 2021 جرى اختيار 60 ألف مواطن ومقيم بالقرعة لأداء الحج، بشرط تلقيهم لقاح كورونا، والعام الماضي شارك في المناسك 926 ألف حاج، بينهم 781 ألفاً أتوا من الخارج، وفق البيانات الرسمية.
وبعد أن كانت الفئة العمرية محددة بألا تتجاوز السن فيها 60 سنة، سمحت السعودية هذا العام للمسلمين بأداء فريضة الحج من دون أي قيود، سواء على عدد الحجاج أو أعمارهم.
وأكد وزير الحج والعمرة السعودي توفيق الربيعة في فيديو نشره حساب الوزارة على موقع “تويتر” أن “السعودية حكومة وشعباً ترحب بالحجاج في أكبر تجمع إسلامي عرفه التاريخ بأكثر من مليوني حاج قادمين من أكثر من 160 دولة”.
وشارك عام 2019 نحو 2.5 مليون مسلم من جميع أنحاء العالم في مناسك الحج التي تشمل مناطق عدة بمدينة مكة، فيما تهدف السعودية لاستضافة 30 مليون حاج ومعتمر بحلول عام 2030.
الحج بالتقسيط
وكشف الربيعة خلال مؤتمر صحفي، عن أنه بات بإمكان القادمين لأداء مناسك الحج “تقسيط” الكلفة، إضافة إلى توفير باقة اقتصادية بقيمة ثلاثة آلاف ريال (799 دولاراً أميركياً). وقال إن هناك انخفاضاً في كلفة الحج للقادمين من خارج البلاد بنسبة بلغت 39 في المئة.
وبعد حال الاستياء من كلفة الحج الباهظة التي كانت تصل إلى ستة آلاف ريال (1500 دولار أميركي) للشخص الواحد، والتي كانت تفرضها الشركات المشغلة في وقت سابق، أكد الربيعة أنه تمت إتاحة الفرصة لعدد كبير من الشركات من أجل المنافسة وتيسير خدمات الحج لضيوف الرحمن، لهدف التسهيل والتخفيف من دون تغيير في جودة الخدمة.
وكان سعر التأمين الشامل المفروض على الحاج في وقت سابق 235 ريالاً (62 دولاراً) ليصبح بعد قرار خفضه 88 ريالاً (23 دولاراً).
وبدأ الحجاج منذ أكثر من أسبوعين التوافد إلى منافذ الحدود السعودية، جواً وبحراً وبراً، والخميس الماضي كانت شوارع مدينة مكة تعج بمئات آلاف الحجاج بملابس الإحرام البيضاء، فيما تواصل الحافلات التي علقت أعلام دول مختلفة، نقل الحجاج إليها.
ويمثل تنظيم الحج الذي يعد أحد أكبر التجمعات الدينية في العالم، في العادة تحدياً لوجيستياً كبيراً، إذ تغص خلاله المرافق السعودية والمواقع الدينية بالحجاج.
١٧ قطارا و٢٣ ألف حافلة
وأعلنت وزارة الحج والعمرة في فيديو نشرته على “تويتر”، أن استعداداتها تشمل 17 قطاراً مخصصاً لنقل الحجاج من وإلى المواقع المقدسة تصل قدرتها الإجمالية إلى 72 ألف راكب في الساعة، إضافة إلى 24 ألف حافلة.
وأطلقت السعودية في 2019 مبادرة “طريق مكة” الرامية لإنجاز كل إجراءات الحجاج في بلدانهم، من أجل تخفيف الضغط على مرافقها وتسهيل عبور الحجاج.
وأفاد مدير الجوازات السعودية سليمان اليحيى في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية بأن المبادرة هذا العام تشمل سبع دول هي إندونيسيا وباكستان وبنغلاديش وماليزيا والمغرب وتركيا وساحل العاج.
وقال اليحيى إن الهدف هو “إنهاء جميع إجراءات الحجاج المتعلقة بالأمتعة والصحة والتأشيرات في بلد المغادرة”، مضيفاً “حين يصعد الحاج إلى الطائرة يصبح وكأنه في رحلة داخلية، إذ ينزل من طائرته لسكنه”.
خبرات تنظيمية
ويرى المتخصص في الشأن السياسي بجامعة برمنجهام عمر كريم أن تنظيم الحج سنوياً يمنح السعودية “مصدر قوة ناعمة في العالم الإسلامي”، لكنه أشار إلى أنه يطرح تحديات تتعلق بـ”إدارة الحشود ومراقبة النظام الصحي للحجاج وترتيب الإقامة المناسبة” للأعداد الهائلة.
وأشار الأكاديمي بجامعة برمنحهام إلى أن توافر “الميزانية والتكنولوجيا وتنفيذ المشاريع بروتوكولات محددة، وكذلك ممارسة هذه الطقوس كل عام ساعدت السلطات السعودية على تقديم تنظيم ناجح”.
على مر العقود، وقع كثير من الحوادث راح ضحيتها المئات بسبب عمليات التدافع في الأماكن الضيقة، لكن لم تسجل أي حوادث كبيرة منذ عام 2015، إذ أقامت السلطات كثيراً من المرافق الصحية والعيادات المتنقلة، وجهزت سيارات إسعاف، ونشرت 32 ألف مسعف لتلبية حاجات الحجاج.
وبدأ كثير من الحجاج بالفعل في أداء طواف القدوم حول الكعبة، ثم السعي بين جبلي الصفا والمروة، قبل انطلاق المناسك بشكل رسمي، بعد غدٍ الأحد، وينتقل الحجاج يوم الإثنين إلى منى، على بعد نحو خمسة كيلومترات من المسجد الحرام، قبل المناسك الرئيسة، وهي صعود جبل عرفات، الثلاثاء.
وتشكل درجات الحرارة المرتفعة في واحدة من أكثر مناطق العالم حراً وجفافاً، تحدياً إضافياً أمام السلطات والحجاج على حد سواء.