تقرير فرنسي سري: حقيقة “إخوانية” البرهان.. ومؤشرات انقلاب الإسلاميين عليه.. ودور أزمة المبعوث الأممي

قائد الجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان1685384944

متابعة: وائل سليمان ووكالات

في الوقت الذى تنقلب بعض القوى العالمية على الجنرال عبد الفتاح البرهان، بعد موقفه المبرر من المبعوث الأممي المتورط في التحريض بدل من الحل، بدأت تتعقد الخيوط داخل المعسكر البرهاني، حتى اتضحت بالفعل انقلابات الاخوان عليه.

وتعيد مصادر من العاصمة السودانية اشتعال الوضع إلى عاملين، يتعلق الأول بمخاوف من محاولات لتنظيف الخرطوم من المتمردين في حال هدنة جديدة على يد الجيش مما يعني استهداف قوات الدعم السريع، والعامل الثاني مرتبط بمحاولات هذه القوات للسيطرة على كل معسكرات الجيش في العاصمة لإفقاده زمام المبادرة، وتركيزها على ثلاث قواعد رئيسية للجيش، لم تتمكن من السيطرة عليها حتى الآن.

وتفيد المعلومات التى لدينا أن هناك تحركات غير مفهومة تمثلت في قيام كل من الفريقين المتصارعين بمنع السودانيين القادمين من الأقاليم من الدخول إلى العاصمة، وإغلاق بعض الجسور المؤدية للخرطوم سواء على يد الجيش في بعض المواقع أو على يد قوات الدعم السريع في مواقع أخرى.

تردد هذا السؤال مؤخرا في السودان عما إذا كان الإسلاميون على وشك التخلي عن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، معتبرين أنه متساهل أكثر من اللزوم، ويرى عثمان ميرغني رئيس تحرير صحيفة التيار المستقلة أن دور البرهان مرتبط بوضعه الوظيفي كضابط في القوات المسلحة، بل ويذهب حتى وصفه بأنه مجرد قطعة شطرنج في السياسة السودانية ولا يمثل أي تيار سياسي.

ويختلف مراقبون آخرون مع هذا التحليل، معتبرين أن البرهان جزء من التيار الإسلامي، مشيرين إلى أنه كان عضوا في اللجنة الأمنية أثناء حكم البشير، وهي لجنة اقتصرت عضويتها على الإسلاميين، وإلى أن البرهان قام بانقلابه في أكتوبر2021 قبل بضعة أسابيع من تسليم السلطة للمدنيين مما أدى لتجميد نشاط لجنة تفكيك شبكات نظام البشير.

كما أعاد البرهان الكثير من القيادات الإسلامية للسلطة، وأنه طالب بتغيير فولكر بيرثيس الموفد الأممي إلى السودان، الذي هاجمه الإسلاميون بشدة، وهو التحليل المنسجم مع ما أكده “معهد ريفت فالي – Rift Valley Institute” الذي أكد أن “السياسة السودانية مرتبطة ارتباطا عضويا بالعسكريين وأن الجيش مؤسسة مسيسة”.

ويؤكد مراقبون أن الالتحاق بالكلية الحربية السودانية مشروط برضاء الإسلاميين عن المتقدمين للكلية منذ بداية التسعينيات.

وسواء من يرون أن البرهان مجرد ضابط في القوات المسلحة ولا يمثل تيارا سياسيا، أو من يرونه كجزء أصيل من التيار الإسلامي، فإنهم يجمعون على أنه لا يتمتع بالموارد المالية اللازمة لاحتلال موقع بمفرده على الخريطة السياسية.

على العكس من نائبه السابق محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع الذي يتمتع بدعم خارجى قوي بالإضافة إلى موارد قادمة من سلسلة صفقات وأعمال تجارية يمارسها، ولكن قواته تحاول في الخرطوم تكرار التجربة ذاتها لما فعلته في دارفور، من نشر الرعب والذعر والضرب في كافة الاتجاهات، وهو ما اتضح بعد البيان الصادر عن شبكة الصحفيين السودانيين والذي يندد باعتداءات هذه القوات على الصحفيين حتى في منازلهم

وبدأت بوادر صراع وشيك بين الإسلاميين السودانيين البرهان إذ يسعى هؤلاء اليوم للتخلص منه ويعتبرونه متساهلا أكثر من اللزوم، بينما يخوض الرجل منذ ستة أسابيع حربا على جبهة أخرى ضد نائبه السابق محمد حمدان دقلو.

في ظل حكم عمر البشير الذي امتد لثلاثة عقود، هيمن الإسلاميون على السلطة في البلاد وأسسوا شبكة واسعة من المصالح المالية والتجارية والسياسية.

وحكم عسكريون السودان مدة 55 عاما منذ حقق استقلاله قبل 67 عاما، بحسب ريفت فالي إنستيتوت. ويؤكد هذا المركز البحثي أن “السياسة السودانية مرتبطة ارتباطا عضويا بالعسكريين والجيش هناك مؤسسة مسيسة”.

في العام 2019، عندما اضطر الجيش الى اطاحة البشير تحت ضغط الشارع، أبتعد الإسلاميون عن الواجهة. وتم حظر حزب المؤتمر الوطني الذي كان يتزعمه البشير ووضع الكثير من المسؤولين في السجن.

واختار الجيش، لتهدئة خواطر الشارع والمجتمع الدولي، “ضابطا مجهولا” هو عبد الفتاح البرهان، لوضعه على رأس البلاد، على ما يقول الباحث أليكس دي فول.

وراح البرهان يكثر من التصريحات المناوئة للاسلاميين وحزب المؤتمر الوطني.

لكن منذ أدى اشتعال الحرب في 15 ابريل إلى الفوضى في السودان وإلى هرب قادة من النظام السابق من السجون، ظهر المؤتمر الوطني مجددا ليعلن دعمه للجيش في مواجهة قوات الدعم السريع التي يتزعمها دقلو.

ويقول عثمان ميرغني رئيس تحرير يومية التيار المستقلة “الإسلاميون يستثمرون في الأوضاع الاستثنائية التي تمر بها البلاد ليضمنوا وضعا في التسوية السياسية المقبلة”.

وتجلت عودتهم بقوة عندما وجه البرهان الجمعة رسالة الى الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو جوتيريش يطلب فيها تغيير موفده الى السودان فولكر بيرثيس.

وقال البرهان إن الموفد الأممي صار “طرفا وليس وسيطا” في السودان واتهمه بارتكاب “تدليس وتضليل” أثناء قيادته عملية سياسية ما “شجع”، وفقا له، دقلو على “شن العمليات العسكرية”.

وكان الإسلاميون يعترضون على المبعوث الأممي ويتظاهرون منذ أشهر للمطالبة باستبداله.

لكن ميرغني يؤكد أن البرهان ليس سوى “قطعة شطرنج في السياسية السودانية فهو لا يمثل تيارا سياسيا لكن دوره يرتبط بوظيفته كضابط بالقوات المسلحة”.

ويشير أليكس دي فال الى أن البرهان “يواجه عوائق عدة”.

ويتابع هذا الخبير بالشؤون السودانية “خلافا لدقلو والبشير من قبله، ليست لديه موارد مالية خاصة لكي يتمكن من عقد تسويات سياسية”.

ويضيف “لذلك فقد أجبر دوما على التفاوض مع العسكريين ومع الحرس القديم قبل كل القرارات المهمة”.

ويرى أمير بابكر رئيس تحرير موقع مواطنون المتخصص في شؤون القرن الإفريقي أن البرهان “خلق علاقة مع الإسلاميين لتحقيق طموحه في الحكم”.

وعلى الرغم من محاولته “إظهار الابتعاد عنهم الا انه استجاب لضغوطهم بسبب وجودهم في الأجهزة الأمنية ونفذ انقلاب الخامس والعشرين من اكتوبر” 2021، وفقا له.

قام البرهان بالانقلاب قبل بضعة أسابيع من الموعد المحدد لتسليم السلطة الى المدنيين. وسمح ذلك أيضا بتجميد أنشطة لجنة تفكيك شبكات نظام البشير وامبراطوريته الاقتصادية.

واضطر أخيرا إلى طلب تغيير موفد الأمم المتحدة.

وقال محلل عسكري طلب عدم كشف هويته، “الإسلاميون لديهم وجود في المؤسسة العسكرية عملوا عليه منذ وصولهم الي السلطة في انقلاب البشير العام 1989” .

وتابع “حاول البرهان إبعاد بعضهم ولكنه في ذات الوقت أبقى على البعض الآخر”.

اليوم يجد البرهان نفسه وحيدا في مواجهة الإسلاميين الذين يتهمونه بالتساهل مع قوات الدعم السريع التي كان على علاقة جيدة معها أذ عمل ضابطا في منطقة وسط دارفور العسكرية خلال سنوات الصراع الذي اندلع في الإقليم الواقع غرب البلاد عام 2003. وكان يومها دقلو قائدا لقوات الجنجويد التي فرضت الرعب في الإقليم.

ويقول ميرغني “هو مجرد ضابط في القوات المسلحة تنتهي مهمته بانتهاء وظيفته وهو ما قد يتحقق بعد انتهاء الحرب مباشرة

By

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *