إعداد: أحمد التلاويدخلت الأزمة في الشرق الأوسط منعطفًا جديدًا، ببدء إسرائيل لعمليتها العسكرية الرئيسية على لبنان، والتي بدأت في الترتيب لها قبل فترة، بعد الوصول إلى مستوى متقدم من السيطرة العملياتية في قطاع غزة، بحيث يمكن القول إنه فعليًّاـ تم تحييد القوة العسكرية لحركة “حماس”.

لم تكن العملية العسكرية الإسرائيلية الحالية على لبنان مفاجئة؛ حيث أكدت القيادات السياسية والعسكرية الإسرائيلية على أن الحرب الشاملة، هي عنوان المرحلة القادمة من الصراع مع “حزب الله”.يُعتَبر الهدف الإستراتيجي الرئيسي الذي تعلنه إسرائيل للحرب الحالية على لبنان، إعادة 100 ألف من سُكَّان شمال إسرائيل إلى بيوتهم، والتي هجروها بسبب أنشطة ما يسميه الحزب بـ”حرب الإسناد” لقطاع غزة، والتي يعتمد فيها على نمطين من الانشطة، الحرب النفسية والتي تشمل أنشطة متنوعة، بما في ذلك الصور والمقاطع التي بثَّها، لقواعد عسكرية وموانئ شمالي إسرائيل، ومنها ميناء حيفا الإستراتيجي، وقال إنه التقطها بواسطة طائرة استطلاع من دون طيار أطلق عليها اسم “الهدهد”.أمَّا النمط الثاني، فهو النمط التقليدي للحزب، وهو إطلاق الصواريخ على مناطق مختلفة في شمال ووسط إسرائيل، وهو النمط الذي أدَّى إلى حدوث المشكلة الرئيسية التي تواجهها الحكومة الإسرائيلية، وهي إعادة سكان الشمال إلى منازلهم، وهي النقطة التي يعتبرها “حزب الله” بمثابة هدفًا أحرزه في إسرائيل، ولم تستطع إسرائيل تعويضه، برغم كل عملياتها الأمنية والعسكرية النوعية التي نفذتها في الفترة الأخيرة ضد الحزب وقياداته، وكانت آخرها عملية تفجير أجهزة الاستدعاء الـ”بيجر” وأجهزة الاتصال اللاسلكي “ووكي توكي” في السابع عشر والثامن عشر من سبتمبر الجاري، ثم اغتيال كامل قيادة فرقة النخبة في الحزب، والمعروفة بقوة “الرضوان”، في العشرين من ذات الشهر.وهو ما ركَّز عليه أمين عام “حزب الله” حسن نصر الله، في خطابه الأخير، الذي أعقب عمليات تفجيرات الـ”البيحر” والـ”ووكي توكي”.هذا هو الإطار العام الذي تتحرك فيه الحب التي بدأتها إسرائيل على لبنان بسلسلة من الغارات الجوية، مستهدفةً فيها مناطق مدنية، شملت طول لبنان بالكامل، من طرابلس شمالاً وحتى منطقة جنوب الليطاني بين جنوب لبنان وشمال فلسطين المحتلة، تقول إسرائيل إنها تستهدف مخازن أسلحة ونقاط إطلاق صواريخ تابعة لـ”حزب الله”، بالإضافة إلى استهدافات نوعية للقادة الميدانيين للحزب.

أزمة تأمين الجليل الأعلى

لكن هذا ليس هو كل الصورة، فهناك نقطة مهمة ظهرت في الإعلام الحربي الرسمي الإسرائيلي على لسان وزير الدفاع يوآف جالانت، ودانيال هاجاري أحد المتحدثين الرسميين باسم الجيش الإسرائيلي، في الأيام الأخيرة التي أعقبت اغتيال قادة قوة “الرضوان” بمَن فيهم إبراهيم عقيل، الرجل الثاني في الحزب، والذي خَلَف فؤاد شكر، الذي اغتالته إسرائيل في الثلاثين من يونيو الماضي.

تتعلق هذه النقطة – ويمكن أنْ تفسِّر الاستعجال الإسرائيلي للعملية العسكرية على لبنان قبل استكمال عملية الفتح الإستراتيجي التي تقوم بها إسرائيل لقواتها البرية في الشمال، بما في ذلك الفرقة (98)، وهي فرقة النخبة التي كانت تعمل في غزة – بوجود خطط لدى “حزب الله” لتنفيذ عملية مشابهة لتلك التي قامت بها حركة “حماس” في السابع من أكتوبر 2023م، وأدت إلى اندلاع الأزمة الحالية، في منطقة الجليل الأعلى شمال فلسطين المحتلة.هذه العملية المفترَضة لـ”حزب الله”، تحدث عنها بالفعل حسن نصر الله في خطابه التأبيني للرجل الثاني في الحزب، فؤاد شكر، وقال إنه من المحتمل إذا لم تتوقف إسرائيل عن استهداف لبنان، بالوتيرة متوسطة الشِّدَّة التي كانت قبل عمليات اليومَيْن الماضيَيْن.

وهنا لابد من أن نشير إلى أن الاجتياح الإسرائيلي الكبير للبنان في العام 1982م، كان لنفس السبب؛ تأمين منطقة الجليل الأعلى من صواريخ قوات منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت مرابطة في جنوب الليطاني، حتى إن العملية الإسرائيلية كانت تحت مسمى “السلام للجليل” أو “سلامة الجليل”.فهذه قضية – إذًا – مزمنة بالنسبة لترتيبات الأمن القومي الإسرائيلي على الجبهة الشمالية، وبخاصة أن إسرائيل تعاني فيما يعرف في علوم الطبوغرافية العسكرية، والجغرافيا السياسية بالتشوُّه الجيوسياسي، وهو يعني وجود مناطق هشة في شكل الدولة، وحدودها، تسمح بغزوها وفصلها على إقليم الدولة، ومنها في حالة إسرائيل المنطقة المعروفة بـ”أصبع الجليل”، أو “نتوء سهل الحَوْلة”.

وهي منطقة عبارة عن شريط ضيق في شمال فلسطين المحتلة عام 1948م، يقع في فراغ ضيق بين سوريا ولبنان، عند جبل أفيفيم”، ولا يزيد عرضه على 12 كيلومترًا ونصف، وكان معالجة هذا التشوه، جزءًا من إصرار إسرائيل على الاحتفاظ لسنوات طويلة بمناطق جنوب الليطاني.

وبالمثل، مثل التشوه في تركيب الدولة العبرية عند منطقة الوسط الواقعة بين البحر المتوسط وشمال الضفة الغربية – لا يزيد اتساعها على 15 كيلو مترًا – ضرورة حيوية بالنسبة لإسرائيل – بجانب الادعاءات الدينية – لاحتلال الضفة، وكذلك غور الأردن، فيما يُعرَف بـ”الانبعاج الأردني”، وكذلك قطاع غزة، أو “انبعاج غزة”، وهو ما كان أحد أبرز محركات إسرائيل على الأرض في حرب يونيو من العام 1967م؛ معالجة هذه التشوهات.وبالتالي؛ فإن الموقف الإسرائيلي أعمق بكثير من النظرة الإعلامية العامة له؛ حيث يرتبط الأمر بقضايا أساسية في الأمن القومي الإسرائيلي.

احتمالات الغزو البري الإسرائيلي إلى لبنانعلى هذه الأرضية تدور الحرب بين إسرائيل و”حزب الله”؛ الحزب يقول إن الصواريخ لن تتوقف حتى تتوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وإسرائيل ترغب في معالجة ملف سكان شمال إسرائيل الذين تركوا بيوتهم تحت وطأة قصف “حزب الله” المستمر، وهو ملف متعدد الأبعاد، سياسي وأمن قومي.فهو – سياسيًّا – أحد الملفات التي تضغط على الحكومة الإسرائيلية، حزبيًّا أمام المعارضة والشارع، تمامًا مثل ملف المحتجزين الإسرائيليين المائة المتبقين في قطاع غزة، أمَّا من زاوية الأمن القومي؛ فإنه من بين واجبات أية حكومة في أي بلد، ضمان أمن مواطنيها، والحفاظ على استقرارهم في مختلف أقاليم الدولة.

وبالتأكيد، فإن الأيام القادمة سوف تحمل تصعيدًا، والتوغل البري الإسرائيلي في الأراضي اللبنانية خيار مطروح؛ فلا يمكن التعويل على تصريح مندوب إسرائيل الدائم في الأمم المتحدة، داني دانون، من أن إسرائيل “لا تسعى إلى شَنِّ غزو بري” في لبنان، لأن جالانت وهاجاي ومسؤولين عسكريين إسرائيليين آخرين، قالوا صراحة ردًّا على أسئلة صحفيين بهذا الشأن، أن إسرائيل سوف تتخذ أي إجراء من شأنه إعادة سكان الشمال إلى بيوتهم ومنع تكرار تجربة 7 أكتوبر في الجليل الأعلى.

وبالفعل؛ فقد بث الجيش الإسرائيلي صورًا ومقاطع مصوَّرة تظهِر نقل دبابات ومدرعات إلى الجبهة الشمالية، في عمليات فتح إستراتيجي أكبر من أنْ تكون بهدف ردع عناصر “حزب الله” حال محاولتهم اقتحام الحدود الشمالية لإسرائيل.في المقابل، ذكرت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، الثلاثاء 24 سبتمبر، أن شعبة الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي رصد تجمُّعًا يصل إلى حوالي 40 ألفًا من المقاتلين القادمين من سوريا والعراق واليمن إلى الجولان، في انتظار دعوة من “حزب الله” للانضمام إلى القتال.

كما أن الحزب دفع بورقته الأحدث من الصواريخ، وهي صواريخ “فادي 2″ و”فادي 3” المزودة برؤوس حربية شديدة الانفجار، وقادرة على اختراق تحصينات القواعد العسكرية الإسرائيلية، وهو ما يشير إلى أن “حزب الله” بالفعل تحت ضغوط عسكرية كبيرة من إسرائيل، بحيث يدفع بكل أوراقه.لكن تقارير عدة موثوقة، تفيد بأن الحزب يعاني بالفعل عَوَزًا كبيرة في عناصر القيادة والسيطرة، والاتصالات، والتي هي عصب تحركات أية قوة مسلحة نظامية، بسبب عملية الـ”بيجر” / الـ”ووكي توكي”، وعمليات الاغتيال التي نفذتها إسرائيل في الآونة الأخيرة، وأخرجت عددًا كبيرًا من قوات النخبة في الحزب، وحتى من قيادات الصف الثاني والاحتياط، بعد اغتيال قيادات الصف الأول.

ولكن.. إين أيران؟!

كل تلك المؤشرات تقول بأن العمليات الجوية الإسرائيلية المكثفة حاليًا على لبنان، ليست نهاية المطاف، وأن العملية البرية الإسرائيلية واقعة لا محالة، خاصة وأن “حزب الله” من الواضح أنه لا ينوي مطلقًا وقف إطلاق الصواريخ، أو الاستجابة “رسميًّا” لطلب إسرائيلي دائم بسحب عناصر الحزب إلى شمال نهر الليطاني، لضمان عدم تكرار تجربة 7 أكتوبر شمالاً.

ونقول هنا “رسميًّا”؛ لأن تقارير إعلامية نقلت عن تقارير استخبارية إسرائيلية وغربية، أن نسبة كبيرة من عناصر الحزب، تراجعوا بافعل إلى ما وراء الليطاني بعد تكثيف إسرائيل لغاراتها على جنوب لبنان في الأسابيع الأخيرة، ولكن من دون إعلان ذلك الأمر كموقف رسمي من “حزب الله”.ولكن وسط كل هذا الزخم العسكري، والذي يرافقه اتصالات سياسية لا تنقطع، خاصة من فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة؛ فإننا لا نسمع أي شيء من إيران.. فهل لم تصل هذه الأخبار إلى طهران؟!لعل هذا التساؤل ليس من قبيل السخرية، بقدر ما هو من قبيل الاستغراب، فمن المعروف أن “حزب الله”، هو “دُرَّة تاج” أذرع إيران في المنطقة العربية، وأولها، وهو أساس تدخلات إيران حتى في مناطق أخرى خارج لبنان، مثل الحرب الأهلية السورية، وكذلك في اليمن؛ حيث كان خبراء الحزب عصبًا أساسيًّا في تدريب عناصر جماعة “أنصار الله” الحوثي، هناك.

فالحزب أداة شديدة الأهمية بالنسبة لإيران، ولا يمكن قبول أي تفسير تطرحه القيادة الإيرانية للتقاعس الظاهر عن إسناد الحزب في معركة قد تكون بالفعل معركة بقاء ووجود، على غرار ما فعلته إسرائيل مع حركة “حماس” في غزة، عندما فكَّكت جهازها العسكري بالكامل تقريبًا، فهو خطر ماثِل بالفعل؛ تفكيك الحزب كقوة عسكرية.وهو ما يُجابَه به بالفعل الخبراء والمحللون الإيرانيون على القنوات الفضائية من الإعلاميين الذين يستضيفونهم.تزداد درجة الاستغراب، إذا ما دقننا النظر في أبعاد الأمر، والتي لا يتناولها الإعلام، فتفكيك القوة العسكرية للحزب، يعني ضياع تأثيره السياسي، وهو وضع يهدد الطائفة الشيعية في لبنان، وهو وضع في بلد مثل لبنان قائم على التوازنات والمحاصصات الطائفية، قد يمس وجودها نفسه.

وهنا ننبه إلى أمر مهم، وهو أن بداية تدخل “حزب الله” في الحرب الأهلية السورية، كان محاصرة فصائل سُنِّيَّة مسلحة لمناطق الكثافات الشيعية في سوريا، وتهديد سكانها بالقتل والتهجير، مثل القُصير، والتي كانت بداية تدخل الحزب هناك.فهو إذًا – الموضوع الطائفي – موضوع له اعتباره عند إيران، وعند “حزب الله”، ولكن لا يزال الإيرانيون إلى الآن صامتون.ولكن، لفهم الأمر، نضع بعض قطع “بازِل” الموقف السياسي المعقد الذي تدور أحداثه حاليًا في الشرق الأوسط.

عندما قصفت إسرائيل القنصلية الإيرانية في دمشق، في الأول من أبريل الماضي، في عملية قُتِلَ فيها 16 شخصًا، من بينهم العميد محمد رضا زاهدي، القائد الكبير في فيلق القدس التابع للحرس الثوري، وسبعة ضباط آخرين في الحرس الثوري، وجَّهت إيران صواريخها ومُسَيَّراتها في عملية محدودة بين ليل الثالث عشر وفجر الرابع عشر من أبريل، وأعلنت أنها ردًّا على عملية القنصلية.

ثم قُتِلَ الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، الذي كان ينتمي إلى التيار المحافِظ في إيران، مع وزير خارجيته حسين أمير عبد الَّلهيان، ومسؤولون إيرانيون كبار آخرون في حادثة هيلوكوبتر غامضة على الحدود مع أذربيجان في التاسع عشر من مايو الماضي، فيما قيل إنها عملية إسرائيلية ردًّا على القصف الإيراني لإسرائيل.

ثم جاء الرئيس الإيراني الحالي، مسعود بيزشكيان، ذو الخلفيات الإصلاحية، طارحًا أجندة ذات طابع انفتاحي على جيرانه العرب، وعلى البلدان الغربية، نظير حصول إيران على مكاسب مثل رفع العقوبات، وجذب استثمارات بقيمة مائة مليار دولار لمعالجة الاقتصاد الإيراني المأزوم، والذي تضرر كثيرًا بسبب سياسات الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، مع بعض المرونة في الملف النووي الإيراني.وقتها ظهرت تقارير صحفية باهتة، أن هناك خلافات كبيرة بين بيزشكيان وبين الحرس الثوري الإيراني، وهو المؤسسة الأهم والأقوى نفوذًا في إيران، بسبب التباين بين ما طرحه بيزشكيان من أجندة، وبين أجندة عمل الحرس الثوري.

ولكن يبدو أن بيزشكيان استطاع استغلال للأزمة الاقتصادية والاجتماعية العميقة في إيران، والتي كانت جزئيًّا خلف تفاقم الاحتجاجات الشعبية على مقتل الشابة الكردية مهسا أميني في الثاني والعشرين من سبتمبر 2022م، والتي قد لا يتكون واضحة في التقارير الإعلامية بالشكل الكافي، في ظل تعتيم الإيرانيين المعتاد على أوضاعهم الداخلية، وانشغال الإعلام الإقليمي والدولي بالحرب في غزة، وفي أوكرانيا، وبالانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة.نقول إن بيزشكيان الذي طرح على مؤسسات الحكم الأهم في إيران، وعلى رأسها مؤسسة المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، علي خامنئي أمرًا أهم من دعم خطط إيران الإقليمية، وفي القلب منها الحرس الثوري و”حزب الله”، وهو استقرار وبقاء النظام نفسه.

وساند خطط بيزشكيان، المواقف الأمريكية الواضحة فيما يتعلق بأي تهديد حقيقي لوجود إسرائيل، والذي شفعته الولايات المتحدة بتحريك حاملات طائراتها الأكبر والأحدث، مثل “أبراهام لينكولن” و”جيرالد فورد” إلى الشرق الأوسط.

وهو ما يفسِّر أن إيران لم ترُدّ إلى الآن على عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”، إسماعيل هنية، في قلب طهران، برغم كل التصريحات “القوية” التي صدرت عن المسؤولين الإيرانيين بأن “الرد الصاعق آتٍ”، ثم – وعلى خلاف ما جرى وقت رئيسي في عملية القنصلية – فوجئ العالم بتصريح من خامنئي نفسه، بأن إيران فضَّلت ضبط النفس في هذه القضية!

وأيضًا ذلك يفسِّر التزامن الغريب بين بدء إسرائيل لعمليتها العسكرية الحالية على لبنان، والتي قالها نتنياهو ووزرائه صراحة، بأنها لن تنتهي إلا بعد القضاء على “حزب الله” عسكريًّا على الأقل، مع تصريح للرئيس الإيراني بيزشكيان، من أن إيران على استعداد لبدء حوار مع واشنطن وحل الخلافات بين إيران والولايات المتحدة، داعيًا الأخيرة إلى الوفاء بتعهُّداتها تجاه إيران، بينما اكتفى بتصريح باهت قال فيه إن “حزب الله” لن يستطيع أنْ يتحمَّل وحده الحرب الحالية التي تهدد بتحويل لبنان إلى غزة أخرى!كذلك يمكن قبول صحة ما نقله موقع “أكسيوس” المقرب من دوائر استخبارية أمريكية، من أن إيران رفضت الاستجابة لطلب دعم من “حزب الله” في مواجهة العملية الإسرائيلية الحالية.

وفي الأخير؛ فإن مصير “حزب الله” الآن على محكِّ صراع داخلي الآن في إيران، بين أجندة الحرس الثوري الإيراني التقليدية، وبين أجندة بيزشكيان التي عنوانها الأساسي مصالح إيران الإستراتيجية الأهم، والتي تمثِّل عَصَب مصالح الأمن القومي الإيراني، سواء الاقتصادية أو السياسية، وحتى الأمنية في ظل ما الموقف الواضح للولايات المتحدة من مسألة أخذ إيران أو أي طرف إقليمي آخر لتحرُّك يعدد بقاء إسرائيل، بينما – من خلال دبلوماسية الظل كما هو واضح، والتي كثيرًا ما استخدمتها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط – تقدِّم الكثير من المغريات لطهران لكفِّ يدها عن كل ما يغضِب إسرائيل!وهو صراع قد لا يُحسم مبكِّرًا، فيدفع “حزب الله” الثمن إذا ما واصلت إسرائيل خططها في الشمال، كما تعلنها القيادات العسكرية والسياسية هناك، أو قد يحسم الحرس الثوري الموقف، ويجبر القيادة الحقيقية للدولة في إيران، وهي مؤسسة المرشد الأعلى على عدم التضحية بأهم أوراق إيران الإقليمية، “حزب الله”، والتي سوف تمثِّل بلا شك وقتها، هزيمة إستراتيجية لطهران، وطعنة قاتلة لصورتها الإقليمية التي دأبت على تصديرها للخارج، ومدونة في دستورها بعد ثورة العام 1979م؛ من أنها سند المظلومين والمستضعفين، فيفقد النظام الإيراني الكثير من أسباب وجوده!وبالتالي؛ فإن مستقبل الحرب الإسرائيلية على لبنان، ومصير “حزب الله”، ليس مما يمكن التنبؤ به في الوقت الراهن بأي حال من الأحوال.

By

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *