القاهرة في 7 أكتوبر/أ ش أ/ كتبت: ماهيتاب عبد الرؤوف
“إن أبناء الشعب الفلسطيني الأبرياء في غزة..المحاطين بالقتل..والتجويع..والترويع..والواقعين تحت حصار معنوي..ومادي..مُخجلُ للضمير الإنساني العالمي..ينظرون إلينا بعين الحزن والرجاء..متطلعين إلى أن يقدم اجتماعنا هذا لهم..أملاً في غد مختلف..يعيد لهم..كرامتهم الإنسانية المهدرة..وحقهم المشروع في العيش بسلام.. ويسترجع لهم بعض الثقة..في القانون الدولي..وفي عدالة ومصداقية ما يسمى.. بالنظام الدولي القائم على القواعد”..، بتلك الكلمات من خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي – أمام مؤتمر الاستجابة الإنسانية الطارئة في غزة الذي عقد في يونيو الماضي بالأردن – نعيد تذكير العالم بأن دماء الفلسطينيين لاتزال تنزف مع دخول الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة عامها الأول، وبأن مصر، على مدار عام كامل من الحرب، لم تدخر جهداً أو طريقاً إلا وسلكته لوقف العدوان الإسرائيلي الذي أسفر عن سقوط عشرات الآلاف من الضحايا والمصابين المدنيين الفلسطينيين، معظمهم من النساء والأطفال، في تحدٍ واضح للمجتمع الدولي .
واستعرض مساعدو وزير الخارجية السابقون – في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم /الإثنين/ – جهود مصر خلال عام من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، مؤكدين أن مصر وقفت سداً منيعاً ضد مخطط التهجير وتصفية القضية الفلسطينية، وخاضت جهود وساطة شاقة لوقف إطلاق النار، وقدمت مساعدات إنسانية وإغاثية وفتحت مستشفياتها للجرحي والمرضى من أهلنا في القطاع، ونظمت زيارات إلى الحدود مع غزة لمئات المسئولين الدوليين للوقوف بأنفسهم على الأوضاع الكارثية التي يعيشها سكان غزة والتنبيه من سلاح التجويع الذي تستخدمه حكومة تل أبيب.
وأضافوا أن مصر انضمت إلى دعوى جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية لإدانة إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية، كما نظمت مؤتمر القاهرة الدولي للسلام وجمعت فيه القوى العربية والغربية، وشاركت في كافة الفعاليات المتعلقة بجهود وقف الحرب، وساعدت مختلف دول العالم على إجلاء مواطنيها عبر معبر رفح، ولا تزال تقف بالمرصاد أمام محاولات احتلال القطاع برفضها القاطع لتواجد الجيش الإسرائيلي في محور فيلادلفيا ومعبر رفح من الجانب الفلسطيني تأكيداً بأن تلك الحدود هي حدود مصرية فلسطينية خالصة، كما تدفع الجهود نحو الاعتراف المباشر بالدولة الفلسطينية المستقلة.
وأكد مساعد وزير الخارجية الأسبق، مسئول ملف إسرائيل الأسبق بوزارة الخارجية السفير جمال بيومي، أن مصر اضطلعت بمسئوليتها التاريخية والجغرافية والإنسانية والأخلاقية تجاه أهل قطاع غزة، كما حملت ولاتزال تحمل القضية الفلسطينية في كافة المحافل الدولية وتضعها على رأس قائمة قضاياها وأولوياتها.
وتابع أن مصر حشدت كل الجهود الممكنة من أجل وقف العدوان الإسرائيلي على غزة، ونجحت بالتعاون والتنسيق مع الدول العربية والإسلامية وعدد من البلدان الأخرى في فضح الانتهاكات وجرائم الحرب والإبادة الجماعية التي ارتكبتها “حكومة تل أبيب المتطرفة” خلال عدوانها على القطاع، ما أثمر عن تغيير مواقف العديد من بلدان العالم التي كانت تؤيد في بداية الأمر “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”، ليتجهوا إلى المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار بل وبحل الدولتين.
ولفت إلى أن تلك الجهود تكللت أيضاً باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يطالب بأن تنهي إسرائيل “وجودها غير القانوني في الأرض الفلسطينية المحتلة” خلال 12 شهرًا، بأغلبية 124 عضوًا، منوهاً كذلك بتأييد غالبية أعضاء الأمم المتحدة وهم يمثلون “صوت العالم” لوقف إطلاق النار في غزة، منبهاً إلى أن “الفيتو الأمريكي” داخل مجلس الأمن الدولي – والذي يعيق عمل المجلس المعني بحماية المدنيين وقت النزاعات – هو ما يجهض كافة محاولات وقف إطلاق النار أو اتخاذ أي قرار لصالح الشعب الفلسطيني.
ورأى، في الوقت ذاته، أنه حتى ولو صوت مجلس الأمن على قرار يدين الاحتلال أو يطالب بوقف فوري لإطلاق النار فإن تاريخ إسرائيل منذ نشأتها يشهد على أنها لم تنفذ أبداً قرارات الشرعية الدولية، وحتى اتفاق أوسلو الذي وقعته مع فلسطين بشأن الحدود لم تحترمه، مقترحاً حشد الدول المحبة للسلام والعدل والحق للمطالبة بتعليق عضوية إسرائيل بالأمم المتحدة ومقاطعتها ووضعها في عزلة لحين انصياعها للشرعية والمواثيق والقوانين الدولية.
وأشار إلى أن مصر لم تدخر جهداً على مستوى التحركات الدولية واللقاءات والمؤتمرات والمنتديات من أجل غزة على مدار عام كامل، كما أنها لم تتأخر عن تقديم المساعدات الإنسانية لأهل القطاع منذ بدء العدوان.
وذكر السفير جمال بيومي بأن القاهرة قدمت نحو 80% من المساعدات الإغاثية التي نفذت إلى القطاع، علاوة على إدخلها لمساعدات العالم أيضاً، كما أسقطت بسلاح الجو المصري مساعدات على قدر ما سمحت لها الظروف، علاوة على استقبال المرضى والجرحى من أشقائنا في غزة بجانب استضافة جالية فلسطينية كبيرة على أرضها .
فيما قال مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير صلاح حليمة، إن مصر وقفت مع أهل غزة منذ بدء العدوان الإسرائيلي، حيث تصدت لمخطط التهجير القسري للفلسطينيين الهادف إلى ترحيل وطرد السكان من أرضهم التاريخية لإنهاء حقهم في المطالبة بدولتهم المستقلة، كما لعبت دوراً محورياً في جهود الوساطة بين حماس وإسرائيل وكانت تلك الجهود محل تقدير ليس فقط من الفلسطينيين بل أيضاً من قبل القوة الإقليمية والدولية.
وأضاف أن مصر حرصت بشدة على استمرار تدفق المساعدات الإنسانية براً قبل أن تسيطر إسرائيل على معبر رفح من الجانب الفلسطيني، كما اتجهت إلى الإنزال الجوي قبل أن تعيقه الظروف بجانب التنسيق لإدخال المساعدات الإغاثية التي أرسلتها مختلف الدول والمنظمات للتخفيف من حجم المعاناة التي يعيشها السكان المحاصرون داخل القطاع المنكوب.
وسلط الضوء على التحرك الإقليمي والدولي سواء على المستوى الثنائي أو على المستوى المتعدد مثل التنسيق في الجمعية العامة للأمم المتحدة أو في مجلس الأمن الدولي، بجانب الزيارات والاتصالات التي جرت مع كافة الأطراف والحكومات بحثاً عن حلول لوقف إطلاق النار ومنع توسع الصراع في المنطقة.
وشدد على أن مصر تتحدث بكافة المحافل الدولية عن الحاجة الملحة لإنهاء الحرب وفتح الطريق أمام المساعدات الإنسانية، كما تطالب بحق شعب فلسطين في إقامة دولته المستقلة ذات الحدود الجغرافية المتصلة في الضفة الغربية وغزة والقدس وعاصمتها القدس الشرقية .
وذكر بأن مصر تحركت فور بدء العدوان وعقدت مؤتمر السلام بالقاهرة الذي شاركت فيه دول الشرق والغرب، كما حرص الرئيس السيسي على المشاركة في “قمة الرياض” التي وضع خلالها خريطة طريق واضحة لحل الأزمة، علاوة على حضوره مؤتمر الاستجابة الإنسانية الطارئة في غزة.
ونوه بأن مصر تشجع وتدفع نحو الحل السياسي للقضية الفلسطينية، لكي تقوم على أساس حل الدولتين، فضلاً عن إدانتها لتخاذل المجتمع الدولي واتباعه لسياسة ازدواجية المعايير، وكذلك دعمها لدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية لارتكابها إبادة جماعية في غزة.
وأوضح أن مصر لن تقبل إلا بحدود “مصرية – فلسطينية” مع قطاع غزة، وجددت مطالبتها بانسحاب جيش الاحتلال فوراً من ممر فيلادلفيا ومعبر رفح.
من ناحيته، أكد مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير رخا أحمد حسن، أن مصر بذلت كل ما بوسعها من أجل وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وانخرطت في جهود طويلة ومضنية (بالتعاون مع قطر وأمريكا) بين حماس وحكومة تل أبيب؛ لحرصها على حقن دماء الفلسطينيين ووقف القتال غير المتكافئ .
وتابع أن مصر سعت إلى سرعة إبرام صفقة تفضي لوقف فوري لإطلاق النار وتبادل الأسرى من أجل وقف نزيف الدم والحيلولة دون تفاقم الأوضاع واتساع رقعة الصراع في المنطقة، إلا أن إسرائيل ماطلت في المفاوضات لكسب الوقت حتى وصلنا اليوم إلى المواجهات المشتعلة على عدة جبهات بالمنطقة.
وذكر بأن مصر حذرت مراراً وتكراراً من أن عدم حل القضية الفلسطينية بشكل عادل يهدد أمن المنطقة ويجر أطرافا إقليمية إلى حلبة الصراع، مستشهداً بأحداث 7 أكتوبر التي أعادت تذكير العالم بأن هناك أرضا محتلة ينادي شعبها بالسلام والحرية والعدالة منذ أكثر من 7 عقود، إلا أنه لا أحد يرد.
وتابع أن مصر عملت على حشد الجهود للدفع نحو حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط ولكي ينعم الشعبان الفلسطيني والإسرائيلي بالسلام، مضيفاً في هذا الصدد “إلا أن إسرائيل تخشى السلام ولا تعرف إلا لغة القتل والسلاح”.
وأبرز أن مصر دعمت دعوى جنوب ‘فريقيا أمام محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل لارتكابها جرائم إبادة جماعية بحق أهل قطاع غزة، موضحاً أن قبول المحكمة للدعوى يعني أن القضاة ارتأوا أن هناك ما يثبت وقوع أعمال إبادة جماعية وقتل مدنيين من النساء والأطفال وشيوخ لا علاقة لهم بالعمليات العسكرية، فضلاً عن تعمد عرقلة دخول المساعدات الإنسانية لاستخدام سلاح الجوع في التعذيب والإبادة.
وأكمل أن مصر حرصت كل الحرص منذ بدء العدوان على عدم غلق معبر رفح، منبهاً إلى أن جرائم إسرائيل قد تم توثيقها ولم تظهر الكاميرات فقط حجم القتل والدمار بل أظهرت أيضاً حجم تكدس شاحنات المساعدات الإغاثية أمام المعبر من الجانب المصري بسبب عرقلة حكومة تل أبيب لعملية دخولها، وذلك قبل غلق المعبر نهائياً من الجانب الفلسطيني نتيجة احتلال إسرائيل له، ما يثبت انتهاج سياسة التجويع التي تعد جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية وانتهاكاً صارخا لحقوق الإنسان.
وأوضح أن مصر حذرت كذلك من سياسات الاغتيالات التي تنتهجها حكومة تل أبيب – والتي تعد عمليات مخابراتية جاسوسية وليست عسكرية – إذ إنها لن تمنح الشعب اليهودي الأمن والسلام بل أن تلك السياسة لن تجلب إلا مزيد من الاستفزازات والرغبة في الانتقام والدخول في دائرة عنف مفرغة.
واختتم السفير رخا أحمد حسن بأن مصر ستستمر في جهودها ومساعيها السياسية والدبلوماسية، بالتعاون مع كل الأطراف المعنية، سواء الدول العربية أو الدول الأوروبية الداعمة لحل الدولتين، حتى يتم وقف الحرب وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ليعم السلام منطقتنا.
ن ه ل
/أ ش أ/