تخيَّل أنك تُجري محادثة مع نفسك في المستقبل، وتستكشف مسارات الحياة المحتملة، وتناقش القرارات طويلة الأجل.
لم يعد هذا مجرد خيال، بل حقيقة بفضل تقنية “Future You” إنه نظام ذكاء اصطناعي مبتكر؛ طوره باحثون من معهد “ماساتشوستس” للتكنولوجيا والمؤسسات المتعاونة معهم.
صُممت هذه الأداة الذكية لسدّ الفجوة بين الذات الحالية والمستقبلية، التي تساعد المستخدمين على التواصل مع ذواتهم المستقبلية، وتعزيز عملية اتخاذ القرار، والحد من القلق بشأن ما ينتظرهم، كما يقول الباحثون.
ربط الحاضر بالمستقبل
يدعم مفهوم استمرارية الذات المستقبلية هذه التكنولوجيا؛ كما إنه إطار نفسي يعكس مدى ارتباط الناس بهوياتهم المستقبلية.
تشير الدراسات إلى أن الارتباط القوي بالذات المستقبلية يمكن أن يؤثر على مجموعة من القرارات، منها اتخاذ القرارات المالية، والمسارات الأكاديمية.
ويهدف نظام الذكاء الاصطناعي «Future You» إلى تعزيز هذه الرابطة بين نفسك حاليا ومستقبلا، من خلال توفير تلك المنصة.
بمكن هذا النظام للمستخدمين المشاركة في محادثات عميقة وتأملية مع نسخة من أنفسهم جرى إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي في سن الستين.
باستخدام نموذج لُغوي متطور، يقوم “Future You” بصياغة ردود بناءً على معلومات شخصية مفصلة يقدمها المستخدم، ما يخلق شخصية مستقبلية يمكن التواصل معها والتفاعل.مشويمكن لهذه الشخصية مناقشة سيناريوهات الحياة المحتملة، وتقديم المشورة، ومشاركة الأفكار بناءً على تطلعات المستخدم وخياراته الحياتية.
كيف يعمل هذا النظام؟
في البداية يطلب منك النظام الإجابة عن مجموعة من الأسئلة حول حياتك الحالية، والقيم والطموحات المستقبلية.
و تُشكل هذه البيانات العمود الفقري لما يُطلق عليه الباحثون “ذكريات الذات المستقبلية”، التي يستخدمها الذكاء الاصطناعي لبناء حوار هادف ومناسب للسياق. سواء كان الأمر يتعلق بمناقشة الإنجازات المهنية أو المعالم الشخصية، يستفيد الذكاء الاصطناعي من مجموعة بيانات ضخمة مدربة على تجارب حياتية متنوعة لجعل التفاعل واقعياً وغنياً بالمعلومات قدر الإمكان.
عملياً، يتفاعل المستخدمون مع “Future Yo” من خلال مزيج من التأمل الذاتي لتقييم أهداف حياتهم الحالية والمستقبلية، وأيضاً عبر التأمل في الماضي من أجل تقييم ما إذا كانت شخصية الذكاء الاصطناعي تتوافق مع مستقبلهم المتصور.ويتيح هذا النهج المزدوج للمستخدمين ليس تصور مستقبلهم فقط، ولكن أيضاً تقييم الاتجاه الذي تأخذهم إليه اختياراتهم بشكل نقدي.
محاكاة واقعية ومشاركة عاطفية
ومن أجل تعزيز الواقعية، يقوم النظام أيضاً بإنشاء صورة للمستخدم متقدمة في السن، ما يجعل المحادثة الرقمية تبدو أكثر واقعيةيستخدم الذكاء الاصطناعي علامات المحادثة، مثل «
“عندما كنت في عمرك”، ما يضيف طبقة من العمق العاطفي و التفاعل.
يمكن أن تؤثر هذه النصيحة الشخصية من الذات الأكبر سناً بشكل عميق على المستخدمين، ما يوفر منظوراً فريداً يختلف بشكل كبير عن تفاعلات الذكاء الاصطناعي العامة.
ومع الواقعية الكبيرة تأتي مسؤولية إدارة توقعات المستخدم؛ حيث يؤكد مبتكرو النظام أن السيناريوهات التي تمت مناقشتها ليست ثابتة، ولكنها مجرد احتمالات، وهذا أمر بالغ الأهمية لضمان فهم المستخدمين أن لديهم القدرة على تغيير مساراتهم، وأن الذكاء الاصطناعي يوفر ببساطة نتيجة محتملة واحدة بناءً على المسارات الحالية.
النتائج الأولية
أظهرت نتائج التقييمات المبكرة لـ “Future You»
” نتائج واعدة، في دراسة شملت 344 مشخص، أفاد أولئك الذين تفاعلوا مع الذكاء الاصطناعي بانخفاض كبير في القلق بشأن المستقبل واتصال أقوى بذواتهم المستقبلية مقارنة بأولئك الذين استخدموا روبوت محادثة عام، أو لم يشاركوا على الإطلاق.
في المستقبل، يركز فريق البحث على تحسين فهم الذكاء الاصطناعي للسياق، وضمان أن المحادثات ليست عاكسة فحسب بل قابلة للتنفيذ أيضاً.
مع توفير ضمانات لمنع إساءة استخدام التكنولوجيا والنظر في تطبيقات “أنت المستقبلي” في مجالات محددة، مثل التخطيط المهني أو الوعي البيئي.
