القاهرة في 20 أغسطس /أ ش أ/ بدأت، اليوم /الأحد/، بجامعة الدول العربية، أعمال الدورة الـ 52 للجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان، والتي تناقش على مدار ثلاثة أيام، عددًا من قضايا حقوق الإنسان، في مقدمتها ما تشهده الأرض الفلسطينية المحتلة من انتهاكات واحتجاز لجثامين الشهداء من قبل الاحتلال.
كما تسعى اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان إلى بلورة رؤية عربية موحدة حول سبل نبذ الكراهية والعداوة والتمييز على أساس الدين والمعتقد، في ضوء ما تشهده بعض البلاد الغربية من حرق وتدنيس متكرر للمصحف الشريف، وكذلك موضوخ حماية الفطرة السليمة والقيم الإنسانية النبيلة عبر صد مفاهيم دخيلة على مجتمعنا العربي تمس قدسية مؤسسة الأسرة والزواج بين ذكر وأنثى.
وقالت السفيرة هيفاء أبوغزالة الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشؤون الاجتماعية- في كلمتها في افتتاح الدورة- “لقد أضحت التحديات في قضايا حقوق الإنسان متعددة ومتنوعة ودقيقة، فمنها ما يمس ديننا، ومنها ما يمس أمننا واستقرارنا، ومنها ما يمس قيمنا المجتمعية، ولا خيار أمامنا سوى العمل الجاد”.
وأشارت إلى أن الشعب الفلسطيني القابع تحت الاحتلال محروم من أرضه وإنسانيته وأبسط حقوقه، والكتب السماوية تحرق وتدنس نهارا جهارا بحجة حرية التعبير، ومؤسسة الأسرة والزواج تجابه مفاهيم دخيلة على مجتمعنا العربي، مهد الديانات وموطن الحضارات، كما أن الأزمات الداخلية ببعض البلاد العربية وما يرافقها من نزوح يفاقم معضلة بيع الإنسان، هذه الجريمة الشنعاء، جريمة الاتجار في البشر، وما يتولد عنها من استغلال للمرأة والفتاة.
وشددت على أن مجابهة ما نشهده من تحديات يقتضي مضاعفة الجهد ووحدة الصف، وتوحيد الكلمة، وتعزيز التعاون والتشبيك، وإيلاء الأهمية القصوى للتدريب وبناء القدرات.
ولفتت إلى أن برنامج عمل هذه الدورة يتضمن عرض كلمة مسجلة لمقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967، واختيار شعار اليوم العربي لحقوق الإنسان للعام 2024، ومتابعة الأنشطة المزمع عقدها بمناسبة مرور (75) عاما على اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و(20) سنة على اعتماد الميثاق العربي، وثمنت عاليا وقوف اللجنة عند هاتين الوثيقتين المرجعيتين عالميا وإقليميا لتقييم ما تم وما يتوجب إنجازه.
كما أشارت إلى أن اجتماع اليوم يعقد غداة إيداع سلطنة عمان وثيقة الانضمام إلى الميثاق العربي لحقوق الإنسان، قائلة “هذا حدث مهم.. نشكر الأشقاء في عمان على هذه الخطوة البناءة.. ونثمن القيادة الحكيمة والرؤية الصائبة لجلالة السلطان هيثم بن سعيد”.
وقالت “لا شك بأن انضمام سلطنة عمان يشكل إضافة قوية لمنظومة حقوق الإنسان القائمة، تحت مظلة جامعة الدول العربية”.
ونقلت للحضور تحيات الأمين العام أحمد أبو الغيط، وتثمينه للعمل الجاد الذي تشهده اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان في سبيل نصرة القضايا العادلة، وإعلاء القيم النبيلة، وتوطيد المبادئ الإنسانية الرفيعة.
وتوجهت بالشكر إلى أعضاء لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان المنتهية ولايتهم، مشيرة إلى أن في 2 أكتوبر المقبل يعقد اجتماع للدول الأطراف مخصص لانتخاب أعضاء ثلاث للجنة.
كما توجهت بشكر خاص إلى المجموعة العربية بمجلس حقوق الإنسان؛ لما يبذلونه من جهد لنصرة القضايا العربية وإعلاء لقيمنا النبيلة، ودعت إلى مزيد من التنسيق بين اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان ومجلس السفراء العرب في جنيف.
من جانبه.. قال رئيس اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان السفير طلال خالد المطيري إن اجتماع اليوم يعقد وقد مرت 55 عاما على إنشاء اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان.
وأضاف أن هذا يلقي على عاتق أعضاء اللجنة مسؤولية تعزيز المرجعيات والحفاظ على المكتسبات، وتنسيق المواقف والنهوض بالشراكات، وتوحيد الصف والتصدي للتحديات.
وتابع: “نلتقي وقد اقتحم المستوطنون ولا زالوا باحة المسجد الأقصى، نلتقي والاعتداءات على القرى الفلسطينية متواصلة، نلتقي ومشاعر الكراهية الدينية تتزايد على نحو مقلق، نلتقي وأطفالنا عرضة لما من شأنه المساس بقدسية مؤسسة الأسرة”.
وأردف: “التهديدات كبيرة، والتحديات جسيمة، ولا خيار أمامنا سوى توحيد الكلمة والتحرك على نحو منظم ومنسق والمبادرة دوليا بطرح مشاريع قرارات تخدم أولوياتنا ومصالحنا، وعقد ما نراه من فعاليات على هامش المحافل الكبرى لعرض جهودنا وطرح مرئياتنا وأولوياتنا”.
واستطرد: “لا شك أن جدول أعمال دورتنا يترجم مختلف شواغلنا، ففلسطين كانت ولا زالت وستظل أولوية الأولويات في ظل ما تشهده من انتهاكات متواصلة على يد القوة القائمة بالاحتلال، على قوة الاحتلال أن تنهي فورا احتلالها للأرض الفلسطينية، وأن تفرج فوراً عن جميع المعتقلين الفلسطينيين وجثامين الشهداء”.
كما قال “هذا صوت العقل وصوت المنطق وصوت القانون الدولي، كما يتوجب على المجتمع الدولي ضمان المسائلة والحد من الإفلات من العقاب والتحدي الصارخ للشرعية الدولية”.
وأضاف “لا يمكن السكوت أمام وضع مستمر في التدهور ضحيته الإنسان الفلسطيني، ولا يمكن السكوت أيضا أمام تطاول البعض في الغرب على المصحف الشريف، هذا فعل مشين، هذا عمل مستفز هذا تصرف غير مقبول، هذا تطرف ديني ندينه ونستنكره”.
ورحب في هذا الإطار بالقرار الصادر يوم 11 يوليو عن مجلس حقوق الإنسان في جنيف، والذي يدين صراحة تدنيس القرآن الكريم، ويرفض على نحو قاطع هذه الأفعال، وثمن الجهد العربي في هذا الشأن.
وأضاف أن “حديثنا عن أرضنا المسلوبة في فلسطين، وعن المصحف الشريف وما يتعرض له من تدنيس، يقودنا لأمر جلل يمس الفطرة والوحدة الطبيعية للأسرة”.
وتابع: “نشهد حملة إعلامية لم يسلم منها المجتمع الدولي، حملة تمجد المثلية وتطالب بتقنينها وتنادي بالدفاع عن حقوق المثليين، لم تسلم أرضنا، وعقيدتنا، وأضحت الفطرة محط تهديد أيضا”.
وأردف: “نحن أرض الحضارات.. نحن مهد الديانات.. نحن الأكثر إيمانا بكرامة الإنسان.. وعلينا نحن أن نتصدى قانونيا وسياسيا ودبلوماسيا وإعلاميا لأي مد يهدد مجتمعنا وأسرتنا على النحو الذي ارتضاه لنا ديننا”.
وأشار إلى “بعض من القضايا المطروحة على دورتنا تضاف إليها قضايا من قبيل الاتجار بالبشر والتحولات المناخية نأمل أن نهتدي إلى توصيات تمكننا من حسن التعامل معها”.
ونوه بانضمام سلطنة عمان إلى الميثاق العربي لحقوق الإنسان، وقال مخاطبا وفد السلطنة “أهلا ونزلتم سهلا قرار حكيم وتوجه سليم.. وإضافة نوعية لهذه الوثيقة المرجعية”.
ولفت إلى الفعاليات المصاحبة للذكرى (75) للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وفي مقدمتها “حملة تحفيز التعهدات”، والتي تشجع الأمم المتحدة من خلالها الدول على تقديم ما يصل إلى خمسة تعهدات أساسية يتم إبرازها خلال منتدى جنيف رفيع المستوى ديسمبر المقبل، وقال في هذا الصدد “نشجع بقوة المجموعة العربية بأن تسهم في هذا الشأن على نحو يمكنها من مسايرة الركب”.
ويتضمن جدول أعمال الدورة الـ 52 الحالية للجنة العربية الدائمة لحقوق الانسان عرض تقرير الأمانة العامة عن الإجراءات المتخذة لتنفيذ التوصيات الصادرة عن اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان في دورتها العادية 51ً، وبحث سبل التصدي للانتهاكات الاسرائيلية والممارسات العنصرية في الأراضي العربية المحتلة وأوضاع الأسرى والمعتقلين العرب في السجون الإسرائيلية وجثامين الشهداء الفلسطينيين والعرب المحتجزين لدى سلطات الاحتلال في مقابر الأرقام، والإعلان العربي لمناهضة جميع أشكال العنف ضد المرأة والفتاة.
وتناقش اللجنة المبادئ التنفيذية للاستراتيجية العربية لحقوق الإنسان، وإطلاق الخطة العربية للتربية والتثقيف في مجال حقوق الإنسان.
كما يتضمن جدول الأعمال بندا جديدا حول تعزيز التنوع الثقافي وحماية وصون مؤسسة الأسرة والزواج، وأخر حول تأثير التحولات المناخية على التمتع بحقوق الإنسان.
كما تناقش اللجنة بندا حول نبذ الكراهية والعداوة والتمييز والعنف على أساس الدين والمعتقد (مقترح الأمانة العامة)، وأخر حول “تعزيز التعاون العربي وتعزيز الخبرات في مجال مكافحة الاتجار بالبشر بناء على اقتراح مقدم من المملكة الأردنية الهاشمية.
وتبحث اللجنة إقرار شعار اليوم العربي لحقوق الإنسان للعام 2024 (16 مارس القادم)، بالإضافة إلى متابعة الأنشطة المزمع عقدها تخليدا لمرور (75) سنة على اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكذلك مرور (20) سنة على اعتماد الميثاق العربي لحقوق الإنسان.
ومن المقرر أن ترفع التوصيات الصادرة عن اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان في دورتها العادية (52) للدورة العادية القادمة (160) لمجلس الجامعة على المستوى الوزاري للنظر في اعتمادها (سبتمبر 2023).
أ د ه/ه م غ
/أ ش أ/