حاوره : محمد تمساح
فى ظل أجواء دموية، كانت زيارة وفد فلسطيني مختلف إلى جامعة الدول العربية لها أهمية كبيرة ، لأنها تسبق انعقاد القمة العربية المقررة في ١٩ مايو الجارى .. وذلك لتأكيد التنسيق للجهود العربية لعودة القضية الفلسطينية كقضية محورية وذات أولوية فى كل الأجندات العربية والدولية ، خاصة بعد زيادة الاعتداءات الإسرائيلية الوحشية على الشعب الفلسطيني والمقدسات الاسلامية والمسيحية فى القدس المحتلة.
حاورنا الدكتور رمزى عودة الأمين العام للحملة الأكاديمية الدولية لمناهضة الاحتلال الإسرائيلي والأبرتهايد ، والذى كان ضمن قيادات الوفد الفلسطينى المشار إليه، حول كل تفاصيل المشهد وأبعاده.
نص الحوار
الوفد والهدف
لنبدأ مما انتهت إليه الزيارة ؟
– الوفد الفلسطينى كان يضم أعضاء من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعى والوحيد للشعب الفلسطيني ، وأعضاء بدائرة حقوق الإنسان بمنظمة التحرير الفلسطينية ، وأعضاء بدائرة حقوق اللاجئين وهيئة الأسرى المحررين ، وعدد من منظمات المجتمع المدنى الفلسطينية ، ومشاركة الحملة الأكاديمية الدولية لمناهضة الاحتلال والابرتهايد ، بالإضافة إلى عدد من أهالى الأسرى الفلسطينيين .. وكان من أبرز الشخصيات ضمن هذا الوفد : ابوالسعيد التميمى رئيس دائرة حقوق الإنسان بمنظمة التحرير الفلسطينية وعضو اللجنة التنفيذية بالمنظمة ، والدكتور أحمد ابوخولى رئيس دائرة اللاجئين بمنظمة التحرير الفلسطينية وعضو اللجنة التنفيذية بالمنظمة ، ودكتور فيصل العرنكى رئيس دائرة المغتربين بمنظمة التحرير الفلسطينية وعضو اللجنة التنفيذية بالمنظمة ، واللواء الدكتور طلال دويكات رئيس التوجيه السياسي بمنظمة التحرير الفلسطينية ، واللواء قدرى ابوبكر من وزارة الأسرى ، والدكتور علاء حموده منسق الحملة الأكاديمية الدولية لمناهضة الاحتلال الإسرائيلي والأبرتهايد بقطاع غزة ، والمناضلة الكبيرة أم ناصر وهى أم ناصر حميده، والذى استشهد فى السجون الإسرائيلية قبل عدة أشهر ، والسيدة أم الأغا وهى أم ضياء الأغا عميد الأسرى فى غزة .
أما الغرض من الزيارة فهو من أجل تبنى جامعة الدول العربية رسميا “حملة لأجل فلسطين” من قبل الأمانة العامة ، والتى ستدعو الدول العربية فى القمة العربية المقبلة من أجل تبنيها رسميا لوضع برامج تنفيذية لدعمها والترويج لها وإسناد خطاب فلسطين فى المؤسسات الدولية .
حملة لأجل فلسطين
متى تم إطلاق “حملة لأجل فلسطين” .. وما هى المؤسسات المشاركة فيها؟
– تم إطلاق “حملة لأجل فلسطين ” فى مارس ٢٠٢٣ فى مدينة رام الله ، بحضور القيادة الفلسطينية ، وهم : أحمد بيوض التميمى رئيس دائرة حقوق الإنسان والمجتمع المدني بمنطقة التحرير الفلسطينية ، ومحمد اشتيه رئيس الحكومة ، وروحى فتوح رئيس المجلس الوطني ، وفى إبريل الماضى تبنى البرلمان الأردنى الحملة ، ومؤخرا تم تبنيها من البرلمان العربى .. و”حملة لأجل فلسطين” تضم ٢٢ مؤسسة من مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية والهيئات العامة ومؤسسات المجتمع المدنى الفلسطينية ، وبمشاركة الحملة الأكاديمية الدولية لمناهضة الاحتلال الإسرائيلي والابرتهايد .
ويترأس “حملة لأجل فلسطين” دائرة المجتمع المدنى وحقوق الإنسان بمنظمة التحرير الفلسطينية .. وهدف “حملة لأجل فلسطين” هو إسناد خطاب دولة فلسطين فى المؤسسات الدولية ، حيث يتم إسناد خطاب دولة فلسطين فى الجمعية العامة للأمم المتحدة بالدورة ٧٧ والتى قدمها الرئيس محمود عباس فى شهر سبتمبر الماضى فى الجمعية العامة ، والتى طرحت مجموعة من المبادئ الأساسية ، أهمها : الدعوة إلى مؤتمر دولى للسلام بشراكة دول عربية وإقليمية ودولية ، وانهاء الاحتلال الإسرائيلي بشكل عاجل وبعدم مشروطية المفاوضات ، ومراعاة حقوق الإنسان الفلسطيني ، ونبذ الابرتهايد الإسرائيلي ومحاربته ، وتحميل إسرائيل مسئولية التنكيل بالشعب الفلسطيني والفصل العنصرى ، والاعتراف بدولة فلسطين كعضو كامل فى الأمم المتحدة .
الاغتيالات تولد انتفاضات
.. كل هذه الجهود في ظل هذه الأجواء الدموية؟
– بالفعل، فهذا استمرار للعدوان الإسرائيلي الغاشم على أبناء الشعب الفلسطيني سواء كانوا مدنيين مسالمين أطفال ونساء أو مقاومين وفى مختلف المدن الفلسطينية ، وهذه العملية جزء من عمليات مستمرة تقودها الحكومة الإسرائيلية الفاشية ، وقد أسفرت هذه العملية عن استشهاد أكثر من ٢٠ شخص أغلبهم من المدنيين وبينهم نساء وأطفال، إضافة إلى إصابة نحو ٢٠ آخرين بينهم حالات حرجة ، واستهدفت إسرائيل منها اغتيال ٣ أشخاص من رموز حركة الجهاد الإسلامي، والذين كانوا متواجدين فى موقع العملية وقتها ، وهم : خليل باهتينى قائد سرايا القدس فى شمال قطاع غزة ، وطارق عز الدين المتحدث باسم حركة الجهاد الإسلامي ، وجهاد الغنام امين سر المجلس العسكري لحركة الجهاد الإسلامي .
وخطورة اللى سار فى هذه العملية أنها قد تكون بداية لعودة إسرائيل إلى سياسة الاغتيالات لرموز المقاومة والعمل السياسى بشكل عام ، مما سيشعل الموقف أكثر ويشعل انتفاضة كبيرة ويغلق كل أبواب التفاوض والسلام ، لأن هذا نفس ما كان موجود فى الانتفاضة الثانية .
لا سلام بدون مصر
هناك حالة غضب مصري من هذه المواقف المستفزة ؟
– مصر قدمت للقضية الفلسطينية ما لم يقدمه أحد فى العالم كله ، وهى الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني ، وقد ضحت مصر بشهداء من أجل فلسطين حتى أكثر من الفلسطينيين أنفسهم ، لذلك فإن مصر هى الدولة الإقليمية الكبرى التى يثق فيها كل أطراف الشعب الفلسطيني ، ومنظمة التحرير الفلسطينية شريك أساسى مع مصر وتعود لها دائما للاستشارة والتنسيق لذلك فإن زيارات الرئيس محمود عباس للرئيس عبدالفتاح السيسي مستمرة ودائمة ، وبدون الدور المصرى لا سلام سيتحقق بين فلسطين وإسرائيل ولا مصالحة ستتم بين الفلسطينيين .. لذلك عندما تتدخلت مصر بين الفلسطينيين والإسرائيليين واجتمعت معهم فى شرم الشيخ استطاعت تحقيق الهدنة ، ويذكر أنه فى نفس توقيت العملية الإسرائيلية الغادرة كان هناك وفد من حركة الجهاد الإسلامي متوجها إلى القاهرة للتشاور وتثبيت الهدنة بين فلسطين وإسرائيل .. ولكن الحكومة الإسرائيلية الحالية هى حكومة المتطرفين وتخشى من تنامى الدور المصرى القوى الذى قد يحقق الاستقرار والسلام ، فقامت بعدوان مفاجئ وغاشم على قطاع غزة لتفشل الهدنة وتفشل الوساطة المصرية لإضعاف الدور المصرى .
لكن مصر معتادة على ذلك من إسرائيل ، لذلك لن تتوقف مصر عن دعم القضية الفلسطينية حتى يحصل الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة .
نتنياهو لا يحكم
استطلاعات الرأى تشير لانهيار تاريخى لشعبية نتنياهو .. وصعود تيار وزير الدفاع السابق جانتس .. فهل تتوقع تغير فى المشهد والمواقف الإسرائيلية؟
– نتنياهو اليوم مش الطرف القوى فى الحكومة الإسرائيلية الحالية ، الطرف القوى هم القوى الصهيونية الدينية بقيادة متطرفين ، مثل إيتمار بن جفير وزير الأمن القومى الإسرائيلى ، وسموتريتش وزير المالية الإسرائيلى ، وهؤلاء المتطرفين أصبح بمقدورهم حل الحكومة ويقدروا يشكلوها ، لذلك نتنياهو لا يعنيه إلا البقاء فى السلطة لتحصين نفسه من القضايا المرفوعة ضده وعدم الدخول فى محاكمات قد تعرضه للسجن ، لذلك ينصاع لأوامر المتطرفين فى حكومته حتى لا يتم حل الحكومة ويظل بالسلطة ، وبالتالى ليس من المتوقع أن تحدث انتخابات إسرائيلية خلال الفترة الحالية .. ولكن لو حدثت انتخابات إسرائيلية ، ووصل جانتس للحكم ، فإنه لن يحدث جديد فى المشهد ، لأن جانتس أساسا يمينى ، كما أن الصهيونية الدينية سيظل لها مقاعد يصعب تجاوزها .
معنى ذلك أن الدين والتطرف سيظلا الحاكم داخل إسرائيل؟
– الدين والتطرف هو الحاكم فعلا الآن داخل إسرائيل ، فقد أصبحت الصهيونية الدينية المتطرفة تحكم إسرائيل ، وأول مرة فى تاريخ اسرائيل رجال الدين يتخذوا القرار السياسى .
إسرائيل تأكل نفسها
التطرف يؤدى لهدم الدولة .. هل ترى أن ذلك قد يحدث فى إسرائيل؟
– نعم ، فالتطرف يؤدى لنهاية اية دولة ف الدنيا، والتطرف اللي بيصير في المجتمع الإسرائيلي حاليا جعل شغلات كثيرة تحدث لأول مرة، فمنذ أكثر من شهرين نجد كل أسبوع حوالى نصف مليون إسرائيلى بيتظاهروا ، وهذه شغلات غريبة على المجتمع الإسرائيلي ، ولأول مرة يصير فيه صراعات بين الحريديم الشرقيين والغربيين وهذه الصراعات فيها عنف وقتل ، وأصبح هناك مطالبات بارتداء غطاء الرأس وقيود عند المسابح والسينمات والمطاعم ، وهذه القضايا بتحاول الصهيونية الدينية إدخالها كقوانيين فى الكنيست الاسرائيلي .
وذلك يجد رفض من الليبراليين الإسرائيليين ، مما سيساهم فى تآكل شعبية وشرعية الصهيونية الدينية ، مما سبؤدى لسقوطها، وهذا مصير الفاشية الدينية فى كل مكان .
الاخوان دمروا القضية الفلسطينية
إذا كنا نتكلم عن الفاشية الدينية ، معروف أن حماس مرتبطة عضويا بجماعة الإخوان .. فهل تم فك هذا الارتباط بعد سقوط الإخوان فى معظم الدول العربية ؟
– حماس ما زالت مرتبطة عضويا بجماعة الإخوان المسلمين ، ولم ينشقوا عنها ، وحماس أساسا يعلنون أنهم حركة الإخوان المسلمين فى فلسطين.. وعندما وصلت جماعة الإخوان للحكم فى العديد من الدول العربية عقب ثورات الربيع العربي كان ذلك له أثر بالغ الضرر بالقضية الفلسطينية ، فبعد أن كانت القضية الفلسطينية طول عمرها قضية عروبية ذات أولوية فى الأجندات العربية والدولية جعلوها تدخل ضمن قضايا أخرى مما أفقدها الأولوية ، كما تسببت تدخلات جماعة الإخوان فى الشأن الداخلى الفلسطيني إلى حدوث انقسام كبير بين حماس وفتح ، وحدوث مشاكل كثيرة اقتصاديا وسياسيا ، والإخوان ممكن يكون عندهم القدرة على تجنيد الناس لكن ما عندهم قدرة ولا خبرة فى إدارة الدولة ، لذلك اينما وجد الإخوان وجدت المشاكل .. وحتى بعد سقوط جماعة الإخوان فى معظم الدول العربية للاسف الانقسام الذى كرسته جماعة الإخوان ما زال موجودا ، فحماس عل نهج جماعة الإخوان بدهم بجعلوا غزة إمارة إسلامية ، وهذه الإمارة معالمها موجودة الآن فى غزة ، وهذا يناهض فكرة منظمة التحرير الفلسطينية عن الوطن والدولة ، وبالتالى مشروع حماس الإخوانى لا يتناسب مع مشروعنا الفلسطيني الوطني.
بايدن لا يريد سلاما
كيف ترى الدور الأمريكى تجاه عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين ؟
– إدارة الرئيس الأميركي بايدن ما عندها اتجاه لفرض سلام ، وهى الإدارة الأمريكية الوحيدة من الإدارات الأمريكية التى لم يكن لديها اى مبادرة للسلام ، بايدن كل اللى بيقوله تحسين أوضاع الفلسطينين ، ما بيحكى عن تحقيق سلام ، والامريكان يعلمون أن الحكومة الإسرائيلية الحالية لا تريد السلام ولن تنصت لهم ، ونلاحظ أن نتنياهو حتى الآن لم يتلقى اى دعوة من إدارة بايدن لزيارة أمريكا ، لانه يعلم أن القرار لم يعد بيد نتنياهو ، كما أن الإدارة الأمريكية تغيرت أولوياتها بعد دخولها فى الأزمة الاوكرانية وأصبح تركيزها فى مواجهة روسيا والصين ، ولم تعد قضايا الشرق الأوسط ضمن أولوياتها ، لذلك لا يجب التعويل على الدور الأمريكي لتحقيق السلام .
مصطلحات توراتية في الاتحاد الأوروبي
ما رايك فى تهنئة اورسولا فون رئيسة المفوضية الأوروبية لإسرائيل بما يسمى عيد الاستقلال؟
– أنا أسميه وعد بلفور جديد ، فهذا يخرج عن سياق الاتحاد الأوروبي ، اورسولا تنتمى للحزب المسيحى الديمقراطي وهو حزب محافظ ، وعندما كانت بتحكى كانت بتحكى من بعد دينى ، ووضح البعد الدينى بتاعها لما حكت وقالت أرض الميعاد والوطن التاريخى للإسرائيليين وتحدثت عن معاناة اليهود ، أى أنها استخدمت تعبيرات توارتية فى حديثها ، وهذا لا يجوز لشخص فى منصب كرئيسة للمفوضية الأوربية ، لذلك إحنا أرسلنا شكوى ضدها لمكتب حقوق الإنسان وللاتحاد الأوربي وممثليه فى رام الله وطالبنا بإقالتها .